
بنشاب : في زمنٍ ندر فيه الصدق، وقلّ فيه الثبات، وارتدى الغدر أثواب الوقار، وقف رجلٌ صلبُ العود، راسخُ المبدأ، شامخُ الهامة، كالجبل لا تهزه العواصف، ولا تزعزع جذوره رياح المصالح. سار بخطى الواثق على دروبٍ ملغّمة بالخيانة، محفوفةٍ بسهام الجحود، لكنّه لم ينحنِ، ولم يصرخ، بل آثر الصمت، وجعل من كرامته سلاحًا ومن صبره درعًا.
تآمر عليه من تقاسموا معه اللقمة والضحكة، وتقدّم صفوف طعنه أولئك الذين ما ارتقوا لولا سنده، وما عُرفوا لولا ظلّه. ومع ذلك، ما ذكرهم بسوء، وما ردّ الغدر بغدر، بل قابل الخيانة بالحكمة، والصمت بالشموخ، والمكائد بالعزيمة.
لقد علّمهم أن الرجولة لا تقاس بعدد الأتباع، ولا تُختصر في عناوين الصحف، بل تظهر ساعة الشدة، عندما يُغدر بالوفي، ويُخذل الأمين، ويُعاقَب الصادق لأنه لم يساوم، ولم يبع ضميره في مزادات النفاق.
فيا ليت شعري، أيُّ زمنٍ هذا الذي أصبح فيه الوفاء تهمة، والشهامة جريمة، والرجولة خطرًا على من اعتادوا الركوع لأهوائهم؟!
لكنّ التاريخ لا ينسى، والسماء لا تُغلق دون دعوة مظلوم، والسُنن لا تتبدّل… وسيأتي يومٌ تُكشَف فيه الوجوه، وتُقال فيه الحقيقة بلا أقنعة.
"من تعوّد الطعن في الظهور، لا يعرف شرف المواجهة."
"الخيانة لا تأتي من الأعداء، بل من أولئك الذين وثقت بهم أكثر مما ينبغي."
"من يزرع الصبر، يحصد النصر، ولو بعد حين."
"الرجال مواقف، لا صور ومؤتمرات."
إبراهيم ولد عبد الله