
بنشاب : في كل موسم امتحانات، تلتزم السلطات الموريتانية بموعد "مقدس" لا يتغير: قطع الإنترنت عن المواطنين، وكأن هذا الإجراء هو مفتاح نزاهة الامتحانات وضمان تفوق التلاميذ!
لكن، إلى متى سنظل نُعالج المشاكل بأساليب بدائية، وندفع ثمن فشل الأنظمة التعليمية من جيب المواطن البسيط؟
قرار ارتجالي.. يخنق البلد
قطع الإنترنت لا يضر فقط أصحاب الأعمال الرقمية والطلاب، بل يشل حركة الاقتصاد، ويضر بالقطاعات الحيوية، من الإعلام إلى الخدمات المالية. كل هذا بحجة محاربة الغش!
فهل يعقل أن تُعاقب دولة بأكملها لأن وزارة لم تجد وسيلة تقنية لضبط القاعات ومراقبة الامتحانات؟ وهل هذا العجز دليل إلا على ضعف في التخطيط وسوء في التسيير؟
الغش لا يُحارب بقطع الشبكة!
في زمن الكاميرات الذكية والتطبيقات الرقابية، ما زالت الحكومة تختار أسهل الحلول وأقلها فاعلية. الغش في الامتحانات ظاهرة مرتبطة أساسًا بضعف المنظومة التربوية، وليس بشبكة الإنترنت فقط.
وحتى إن تم قطع الإنترنت، فإن وسائل الغش البديلة كثيرة، ولن يتوقف من يريد الغش عن المحاولة.
أين حق المواطن؟
من منح السلطات الحق في قطع الخدمة عن الملايين دون إشعار أو تعويض؟ من يحمي حقوق المواطن في الوصول إلى الإنترنت، وهو حق معترف به دوليًا كأداة تعليم، وتواصل، وتنمية؟
وما الرسالة التي تُرسلها الدولة حين تحارب ظاهرة تربوية بإجراءات بوليسية؟
لا نريد حلولاً تجميلية!
إذا كانت الدولة جادة في إصلاح التعليم، فلتبدأ من تطوير المحتوى، وتحسين وضع المعلمين، وتوفير بيئة دراسية تزرع في الطالب قيمة الجهد والنجاح.
أما قطع الإنترنت، فلن يصنع طالبًا نزيهًا، ولن يخلق تعليمًا منتجًا. هو فقط موعد غبي يتجدد كل عام.. حين تتجمد العقول وتُطفأ الإشارات.