
بنشاب : شغل الرأي العام الوطني منذ أيام باعتقال طلاب من مدرسة (NBS) على أثر شكاية تقدمت بها مديرة المدرسة أمام مفوضية تفرغ زينة 2 بنواكشوط الغربية و موجهة إلى حضرة المفوض.
الشكاية مؤرخة بتاريخ 30 يوليو 2025 اي في نفس يوم اعتقال الطلاب.
خلال بحث استقصائي حول الشكاية الأولى من نوعها والموجهة ضد مجهول (لا تحمل اي إسم لأي شخص ) والتي تحمل اتهامات (صوتية) كبرى و كل تهمة في حد ذاتها جريمة مكتملة الأركان، و من ضمن التهم الاعتداء اللفظي و الجسدي و الضرب و التخريب و العنف وغيرها. و تتضمن الشكاية الشديدة اللهجة والتهمة أسلوبا مغايرا و مخالفا لصيغ الشكايات نظرا لتشنيع التهم حتى تظن أن عصابة (فاغنر) قد داهمت المدرسة و أصبحت قاعا صفصفا.
و في زيارة ميدانية للمدرسة و بعد تفقد آثار (هجوم) مليشيا الطلاب المعتصمين تبين أن الخسائر كانت فادحة جدا و ربما تم استخدام أسلحة فتاكة غير معروفة عسكريا و انحصرت الخسائر و التخريب و العنف في صدع في الجزء السلفي من باب المدخل و تكسير نافذة (نتحفظ على الصور لبشاعة المنظر).
حاولنا مرارا و تكرارا الوصول أو الاتصال بمديرة المدرسة أو رئيس مجلس الإدارة أو أي موظف من أجل الاستفسار و المزيد من المعلومات لكن يبدو انهم و من باب الاحتياط و خوفا من اي هجوم (مباغت) قد اختفوا في أماكن سرية (آمنة).
من ناحية أخرى أجرينا استجوابا فرديا و جماعيا مع الطلبة المعتصمين المعتقلين و كانت نتيجة الجواب متطابقة و هي أن من كسر زجاج النافذة عون الأمن الخصوصي المدعو (ج) و الذي اختفي بعد الحادثة.
و هنا يطرح سؤال ملح لماذا لا يتم استجواب عون الأمن على وجه الخصوص أن أحد الطلاب أصيب بجروح عميقة في اليد و الذراع أدت إلى تدخل طبي عاجل؟
و هل شركات الأمن الخاصة لها حق الضرب و التنكيل؟ أعتقد أن الجهة الوحيدة المخول لها حفظ الأمن هي الشرطة الوطنية و قوات الأمن العمومي.
و هنا يبرز إشكال حول صلاحيات أفراد شركات الأمن الخاصة.
خلال تتبع الأحداث توصلنا بمعلومات تفيد أن الطلاب دخلوا اعتصاما سلميا مفتوحا منذ أسبوعين و لم تسجل اي خروقات قد تشيب سلمية الاعتصام لكن حسب شهود عيان من المعتصمين فقد مورست ضغوط نفسية وإدارية على الطلاب منها مفاوضات صورية لشق صف الطلاب وكذا استفزازات متكررة على المعتصمين من طرف بعض العاملين بالمدرسة، بالإضافة إلى تصريحات من طرف موظفين في الإدارة بأن عملية الرسوب مقصودة بسبب نقص في الموارد و الإمكانيات لاستيعابهم.
تسرع مديرة المدرسة في شكاية (كيدية) ضد الطلاب المعتصمين كانت في صالح الطلاب حيث أصبحت قضية رأي عام مما سبب إحراجا، ليست فقط لوزارة التعليم العالي، بل للسلطات القضائية و الأمنية التي لديها من القضايا الهامة و المصيرية ما هو أهم و أعمق و ليس لديها الوقت لتضيعه في تهم (كبرى) لا أثر لها على أرض الواقع خاصة بعد التحقيقات الميدانية و استنطاق طلاب (اللائحة الحمراء) الذين أرسلت إدارة المدرسة أسماءهم بتاريخ 31 يوليو 2025 اي بعد 24 ساعة من احتجاز الطلاب المعتصمين. و هذا يثير بعض المخاوف حول إجراءات انتقامية عقابية ضد بعض الطلاب الذين تميزوا بأداء إعلامي أثناء الاعتصام السلمي المفتوح.
وكلاء الطلاب المعتصمين المعتقلين ثمنوا التعاطي الإيجابي من الجهات الأمنية و القضائية على وجه الخصوص سيادة وكيل الجمهورية بنواكشوط الغربية وكذلك السيد مفوض مفوضية تفرغ زينة 2 و مفوضية القصر بتفرغ زينة.
كما أكد مصدر من ممثلي وكلاء الطلاب محاولات مكثفة للتواصل مع مديرة المدرسة التي رفضت لقاءهم و كذلك رئيس مجلس الإدارة الذي رفض الرد على الاتصالات المتكررة من طرف ممثلي أولياء الطلاب.
نفس الاسلوب في التجاهل كان من نصيب وزير التعليم العالي الذي رفض الرد على اتصالات ممثلي الوكلاء.
نفس المنحى و الموقف اتخذه الأمين العام للوزارة الذي رفض رفضا تاما استقبال ممثلي الوكلاء.
منذ تولي الوزير الحالي وزارة التعليم شهدت انتكاسات وقرارات ارتجالية حيث حرم (مبني للمجهول) مئات الطلاب من المنح الخارجية التي تكلفها العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة و هي (أي المنح) عرف من الأعراف الدبلوماسية للتبادل الثقافي والمعرفي بين الشعوب.
كما كانت فضيحة (منح غيت) طلاب الدراسات التي تصرف فيها الوزير تصرف المالك في ملكه.
و لو لا التدخل المباشر لرئيس الجمهورية لدفع عشرات الطلاب ثمن قرار الوزير العشوائي. رغم أن الحلول كانت (ترقيعية) إلا أن الطلاب تقبلوا الأمر و فضلوا الهدوء والتأقلم مع الواقع تثمينا لتدخل رئيس الجمهورية.
هل هناك من يسعى إلى توتير الهدوء السائد و التشويش على المهرجان الجماهيري البهيج للذكرى السنوية لتنصيب رئيس الجمهورية؟
هل وصلت الرسالة إلى الثلاثي (الوزير، رئيس المجلس، المديرة) الذين تربطهم علاقات صداقة و تعيينات؟
إذا لم ترجع إدارة المدرسة إلى رشدها فإن السنة الدراسية ستكون ساخنة. فاعتصام طلاب مدرسة (NBS) ليس إلا بداية الشرارة و سقوط الشجرة التي كانت تخفي الغابة.
وحسب تصريح من ممثلي وكلاء الطلاب لا زالت الأيادي ممدودة للحوار و التفاهم من أجل الوصول إلى حل وسط يحفظ للإدارة ماء الوجه و يرد للطلاب حق التجاوز و متابعة الدراسة. فهناك ملفات لا يجب فتحها خاصة أن اعتصام الطلاب و اعتقالهم و الشكاية منهم أصبحت قضية رأي عام بعد موجة التضامن الإعلامي والشعبي و البرلماني و الحقوقي و منظمات المجتمع المدني و النقابي(الاتحاد العام لطلبة موريتانيا).
و حسب تعليمات و أوامر رئيس الجمهورية فتقريب الإدارة من المواطن ليس مكرمة بل حق من حقوق المواطنة. و أي إدارة ليست قادرة على احتواء و استيعاب المطالب المشروعة عبر الحوار و الاستماع فهي إدارة فاشلة و تفتقد الخبرة و المصداقية.
فالأسرة والمدرسة هما وجهان لعملة واحدة و لهما هدف مشترك هو نشر العلم والحفاظ على المكتسبات وتربية وإعداد الأجيال نفسيا وأكاديميا و معرفيا.
نرجو من الإدارة استيعاب الدرس و التعاطي الإيجابي مع وكلاء الطلاب بدل سياسة الهروب إلى الأمام والاختفاء خلف المكاتب و استغلال النفوذ.