![](http://benichab.net/sites/default/files/images-4_0.jpeg)
بنشاب : بعد جمع حصيلة عام كامل من أنشطة بعض المراكز البحثية محدودة التأثير، التي نادرًا ما تنظم ندوات تصفها بـ”العلمية” وتدعو لها من تطلق عليهم “النخبة الأكاديمية والعلمية”، تكشفت للكثيرين من المهتمين والمتابعين حقيقة صادمة: حصيلة هذه المراكز ضعيفة كمًّا ومضمونًا، ومخرجاتها لا ترقى إلى الحد الأدنى من المتطلبات العلمية الجادة والتوقعات المرجوة.
فعلى مستوى المحتوى، يغلب على هذه الفعاليات الاقتباس من أعمال الآخرين دون إذن أو إشارة إلى المصادر، في تجاوز واضح لأبسط معايير النزاهة الأكاديمية وحقوق الملكية الفكرية. أما من حيث الأداء، فهو متواضع، يفتقر إلى الأصالة والابتكار، ويميل إلى إعادة تدوير الأفكار دون أي جهد حقيقي في تطويرها أو إخضاعها لنقد علمي جاد.
لكن الأخطر من ذلك هو غياب الوعي – سواء لدى المحاضرين أو المشاركين أو حتى الجمهور المدعو – بحجم هذه المشكلة. فلا يبدو أن هناك إدراكًا لخطورة هذا التهاون على البحث العلمي ومصداقيته والنتائج العملية المنتظرة، ولا اهتمامًا برداءة المخرجات وعدم تلبيتها للحاجات العلمية الملحّة أو لمتطلبات المنهجية البحثية الرصينة في ظل غياب التخطيط الاستراتيجي.
إن استمرار مثل هذه الممارسات لا يهدد فقط جودة البحث العلمي، بل يكرّس بيئة تفتقر إلى الأصالة والمساءلة، مما يعيق أي تقدم حقيقي في المجال الأكاديمي. لذا، فإن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب وعيًا أعمق، والتزامًا صارمًا بالمعايير العلمية، وإعلاء لقيم الأمانة الفكرية والبحث الرصين.
ويضاف إلى ذلك غياب التأليف، وفقر المكتبات القليلة أصلًا، وضعف المستويات التحصيلية لدى طلاب الجامعات والمعاهد، مما يعطي انطباعًا واضحًا بتدني المستويات المعرفية. يحدث ذلك رغم حالة الاستكبار المعرفي الأرعن والتظاهر الجوفاء بمكانة الشناقط الذين وجدوا في المشرق، يوم حطوا في امصاره الرحال، بيئة علمية مكنتهم من الإبداع والتأثير ونيل التقدير والاعتراف.
فهل نظل نَعْمَهُ في هذا الضلال المهين؟