بنشاب : مسبقا أهنئ من فاز وأتمنى التوفيق لمن خسر، في النهاية الانتخابات لعبة شطارة.
نقرأ بسهولة اليوم صدمة ما كان يُعرف بقوى المعارضة من النتائج التي حصلت عليها حتى الآن، وقد كنتُ على يقين من خسارتها للدورين المتنافرين، دور المعارضة المزعومة ودور الموالاة المرغوبة، وأسمع صوت المواطن النكرة يتشفَّى في تقمَّصها طويلا فرية المعارضة لأجله.. وهي تُغاضب اليوم وتُراغم أنفها:
"مالَ وَاِحتَجَب *** وَاِدَّعى الغَضَب
لَيتَ هاجِري *** يَشرَحُ السَبَب"
السبب! ..
أن طمعها في نصيب معلوم من غلّة الدولة، وتنصّلها من دورها التقليدي كان نذيرا لتقليصها للحد الموالي للعدم.. وهو ما حصل اليوم، وحيث لا ينفع التباكي.
سادتي العقلاء،
المعارضة شرط من شروط الأداء الديمقراطي، وتضمن تمثيلا للجسم الاجتماعي بأكمله ، وليست ديكورا.
المعارضة السياسية الوطنية حاجة حيوية لتصويب الخلل في سياسات الدولة، وعامل قوة لها، ومقياس لسعة باعها في تقبل الرأي المخالف، وصمام أمان للسلم الاجتماعي والاستقرار،.. المظاهرات، التعبير الحر، النقابات، المنظمات غير الحكومية، متنفس سلمي لتصريف الغضب وقناة أمان لتفريغ السّخط .. وتخدم الجميع.. نعم تخدم الجميع.. فلا تقتلوها، أو احسنوا القتل.
المؤسف في هذا البلد، أن الفجوة في فهم الأدوار تتسع بشكل رهيب ومُقلق،.. لقد حوّل الهرج العشائري البدوي والريفي الرجعي والمتخلّف، وأشدد على المتخلف، والبعيد عن قيم الدولة العصرية، حوّل المعارضة إلى تُهمة يستحق ممارسها التعزير، والمولاة إلى مذمّة تَجرح في الإشهاد، .. لقد خلق الوصولي والنفعي والجاهل أزمة ثقة دائمة بين المُوالي والمواطن، وبين المعارض والنظام،.. حين سلكت الموالاة مسلك خدمة الشأن الخاص، وحين حادت المعارضة عن خدمة الشأن العام.
لقد أثبتت معارضة الكيانات الفردية غير المتجانسة في البرلمان الماضي، أنها معارضة صوتية، تهريجية واستعراضية، عالقة في السجالات وغير حقّانية، همّها انتخابي لا وطني، ولا تملك في مُجملها وعيًا بكونها مفوضة من قبل الشعب، بل من قبل شعبيتها الخاصة، ونفس المشهد مع الأسف سيتكرر في البرلمان الحالي، فقد انتُخبوا اليوم أيضا فرادى.
تحياتي.