بنشاب : إن السياسي عندما يقامر أو يغامر أو يناور، فإنه قد يربح وقد يخسر. أما المفكر فلا يعرف الرهان. يعرف فقط التحليل والتركيب والرؤيا..فإذا خسر السياسي فإنه فى الحقيقة ،رغم أية أضرار موضوعية لا يخسر سوى نفسه. أما المفكر فحين يخسر فإنه يخسر جزءا من مرحلة ولا تزال بيده مراحل اخرى ثمينة.
وعلى سبيل المثال فقط، فقد خسر الرئيس غزواني لعبته ورهانه بهذه المحاكمة التافهة ولكنه (( يستمر)) سياسيا ناجحا أو خائبا لايهم. أما حين تربط المعارضة مصيرها كله بمثل هذا الرهان نفسه ويخسرون بالتبعية المأجورة فإنهم لا يستمرون مطلقا..بل يسقطون على الفور. انهم من البداية لم يضعوا الكل فى مقابل الكل ، بل وضعوا أموال الرشوة بأكملها فى مقابل الجزء. وحين ضاع الجزء ضاع الكل. تلك هي المفارقة المأساوية..فماذا يستطيع أن يقول هؤلاء اليوم لتباعهم ؟ لاشيء. ولن يكون صمتهم هذه المرة دائنا بل مدينا !
وعلى سبيل المثال لا اكثر، فلقد نجح ولد عبد العزيز بشجاعته المعهودة .. جسد فى احدى لحظات التاريخ بطولته التى استمدها من طاقته العظمى على التحدى أيا كانت الأساليب التى استخدمها فى طريق التحدى وأيا كانت النتائج التى وصل اليها .. فان هذه الأساليب والنتائج - مجتمعة- لم تكن معزولة عن البيئة التى ولدته .
لم يكن ولد عبد العزيز سوكارنو أو جيفارا .. مجرد زعيم فى ما يسمى العالم الثالث وإنما كان بفكره وسلوكه قائدا تاريخيا وبصماته التى لا يمحوها الزمن ولا تشوهها محاكمات احفاد ابن سلول !
وبعد فانهم بكل افكهم يستطيعون سجنه ويستطيعون شتمه ليل نهار .. لكنهم ينسون أنه لم يكن رئيسا أو رجل دولة..كان حركة تاريخية لتيار وطنى باق يقوده الشارع البسيط .. وسيظل هذا الشارع باقيا الى أن يعود مؤسسه.. وسيعود حتما..