بنشاب : ليست الكتابة عن الوطن وله ترفا ؛ وكيف تكون كذلك؛ خاصة عندما يتقمصك الوطن فيكتبك بحبر العتاب وتكتبه شلال صدق.
عندها تكون الكتابة دفق مواجع وبوحا بجراح لا تجد من يضمدها في مدى العجز المترامي المسافات كوطن متاهة ؛ كتب عليه تيه ؛ تفر مرافئ البوصلة منه إلى لا شيء.
إن وطنا يمتشق حروفه المكتنزة بالحلم ؛ بالألم والعشق والمرارة والخيبات لايعول على متلق أصم أبكم أعمى.
أنا كالوطن لا أكتب ليقرأني أحد ؛ وإنما لأصدق مع يراعي ونبضي ؛ لا أستطيع ممارسة الحراسة على لاوعي يتفلت من الرقيب صارخا في وجه الياس المحدق بالمدى كقوى الجبل التي أدمنت مصادرة حلم سيزيف؛ بإلقاء صخرته في قاع الفشل السحيق كلما دحرجها عكس الجاذبية.
أحلامك مختطفة ياوطني وأحلامي ؛
وكأني رسول أصحاب الكهف أتلطف متسللا إلى المدينة لعل رجعاي إليهم بالمدد تكون فاتحة انتصار على طواحين الفشل .
فلا المدينة عرفتني ولا أهلها تابوا من كذبهم ؛ ولا أنا عدت للكهف ؛ ولا عابد مخبت ابتنى على بوابة الكهف مسجدا.
أتسكع بين مواجع الوطن وحيدا ؛ أصرخ فيرتد صداي إلى .
وحدي بتيه مداي أحتضن الصدى
فمتى سيرحل من دمي تيه المدى.
أنا لا أكتبكك ياوطني ليقرأني جمهورك الأمي ؛ وأتكلم وأصرخ لا ليسمعني المنغمسون في وأد حلمك.
تعبت من النزول إلى قاع الكلمات لتصل رسالتي مجنحة إليك أيها الحلم المختطف ؛ وعليك أن تحاول التحليق معي عاليا بأجنحتك التي لم تنبعث من سباتها منذ جلسنا معا تحت نخلة عرقوب ننتظرها أن تلد وهي العاقر ؛ لكنني متأكد أن تحت رمادي ورمادك قبس نار سنجد عليه هدى ذات صباح يقترب كلما أوغلوا في طمس معالم فجره الآتي لا محالة.