بنشاب: نتوجه إلى الأهالي في عدل بگرو بالعزاء و أصدق عبارات المواساة، كما نوجه أيادي الدعاء إلى أبواب الإجابة للترحم على أرواح الشهداء المغدورين، ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون.
وبعد: فنعود بنظرات الغضب و الحزن و الخيبة، لنرجم بها القصر الرئاسي، رمادي اللون، باهت المواقف، ذابل الحضور، وكلنا حسرة على الهوان الذي يعيش الشعب، في ظل حكم رجل التعهدات، التي مرت كغيمة، حجبت عنا أشعة الأمل و تركتنا في ظلمات العجز و الفقر والذل، يدوس الموت بإهانة على أبنائنا بأحذية وبنادق جيوش الدول الأجنبية، و تشنق الأسعار العائلات في بيوتها جوعا، بينما تدفن البطالة شبابنا أحياءً، في خنادق اليأس ومطاردة الوهم، في صحاري تيرس الموحشة!!
ثم في لحظات العتاب نبحث بحرقة عن الرئيس، لنوجعه بتعبيرنا عن مرارة ما نعيش، فلا نجده!
وبعد الكثير من النبش و الحفر و استخدام الآذان والأنوف تخرج لنا فقرة من حروف باردة، تشكل جملا فارغة من روح المسؤولية الإنسانية، لا تحمل أي أثر يدل على صدورها عن الرئاسة، بكل غرابة خرجت صلعاء! لا تحمل توقيعا و لا طابعا و لا حتى رأسية!
فشتت الدهشة آلامنا، كقطرات زيت على وجه نهر حيرة!
أين الرئيس ؟
هل علم فعلا بما حل بالمواطنين المذبوحين؟
هل هو بخير ؟
هل يهتم ؟
أسئلة دارت ككرة حديد ثقيلة في أذهان الجميع، عند رؤيتهم للقطعة الورقية المبتورة المنسوبة للرئيس!!
ما أوجعني حقا _وكنت قد قررت عدم الكتابة عن هذه الحادثة خوف استغلال آلام الضحايا _ هو فيديو من مسؤول يواجه عائلات الضحايا بعبارات خشبية ووعود جوفاء، يختمها بالوعيد و التهديد حيث يقول: "على أن لا تنظموا مسيرة و لا اعتصام و لا احتجاج" !
وقلب الرسالة النابض في عيون المعنيين يحدث الأهالي: ابلعوا دموعكم و اضغطوا زر التجاوز فقد وقع ما وقع! ما يهمنا هو عدم إظهار أي انزعاج و عدم التعبير عن آلامكم، ستموتون جميعا فدعونا من الدراما!