بنشاب: كنت أقرا في تدوينة لست معنيا بها حقيقة، حيث جاء فيها : "عند وفاة اي مثقف بهذه الربوع نسجل الكثير من بكائيات العوام ومبالغاتهم..". ثم خلص المدون إلى القول: "الحقيقة الصلعاء: ان هذه المراثي في جلها تكفير عن موبقة الحسد. وإلا فكيف نفسر الصدود تجاه الحي والغرام بالميت...؟"
ومقارنة بالواقع المعاش يوميا في بلادي، تبَيَّن لي أن صفة "الغرام بالميت" الواردة في هذا السؤال الاستنكاري، لا تقتصر على المثقف "المحسود" ولا تخص نوعا من الناس ولا فئة بعينها، بل تشمل جميع من فقدهم المجتمع في موريتانيا أيا كانوا. بعبارة أخرى: الموت وحدها هي التي تضمن المساواة بين أفراد مجتمعنا. أو على الأصح: مساواتهم في ظاهرة المدح.
ولا أظنني سأشذ عن القاعدة بعد موتي. لكنني أتوق إلى جواب دقيق: ماذا سيقول الناس بالضبط حينها عني؟
طبعا لن يقولوا إلا خيرا كما اسلفتٌ، لاسيما خلال مراسيم التعزية. بل أتوقع بحرا من المديح لستُ جديرا به.
يا ليتني كنت حاضرا لاستمتع بسماع ما اعجبني ولأرد على الآخرين!
توهمت طريقين لتحقيق الرجاء:
- دعوة من سيحضرون بعدي إلى تسجيل صوتي أو بالفيديو لما يقال بعد موتي وإيداعه في مكان آمن حتي يوم القيامة. وادعو الله أن يمكنني من سماعه آنذاك وأنا في الجنة. وليس ذلك علي ربي بعسير : "وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ"، صدق الله العظيم.
- القيام بعملية محاكاة لموتي خلال ثلاثة أيام استمع وأغربل طيلتها ما سيصدر عن المعزين وغيرهم.
تحدثتُ مع افراد من أسرتي وأصدقائي حول الخيارين. فكان ردهم مقنعا وقاطعا حول الأخير: "لا!".
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)