بنشاب: إجماع قل نظيره والحمد لله على كل حال ؛ سنتان حافلتان تُظلهما أجواء قاتمة ويُقلهما واقع مرير وعهدُ أنفاق مظلمة بأضواء خافتة تتراءى لقصيري البصر وفاقدي البصيرة ، أبوابه الصغرى مشرعة لمن يعطي أوصافًا لا يملكها لمن لا يستحقها والكبرى موصدة في وجوه من أحجم تشبثا بشرفه أو ألجمته بقية أخلاق أو ذرة كرامه ؛ وأنهار غائضة من خلفها سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ؛ القوي يزداد قوة ويزيد أتباعا والضعيف يزداد ضعفا ويزيد أتعابا والكاذب يتردد صدى صوته المبحوح فتُتخم له الجيوب ، والصادق لا يأمن على نفسه ولو عبّر بأرقى أسلوب وللدولة بابان أساسيان باب توظيف وتشريف وباب توبيخ وتخويف : امتدح النظام بأي شيء فَثَمَّ التناقض والكذب والسذاجه يصنعون المعجزات ؛ إن عجزتْ مُخيلتك عن شيء من ذلك فدونك العشرية اقدح فيها بأي طريقة ارخي أعصابك وابْهتْ واشْمتْ وتشفى تُذكر فتُشكر وتؤجر ؛ وما على من يدخل من أي البابين من ضرورة ومنهم من يلج من البابين معا ؛ وهو المواطن أو الموظف أو الطالب المثالي !! لكن إياك ثم إياك أن تنطق صدقا أو تقول حقا قُرْب عتبة أحد البابين فقد لا تفلح بعدها أبدا ؛ لا تكترث لشخصك وتعتبرها تضحية لازمه؟ مهلا ! فأهلك ومحيطك ومالك ومصالحك وعلاقاتك بل وكرامتك وحريتك قد تفقد كل شيء في لحظة ودون سابق إنذار !! أيها الشعب الأبي لا تيأس ! إنها صولات باطل سرعان ما تضمحل ، وحجار تلال تتكسر بين الأصابع بلا آليات ، وخضرة دمن تذبل بعد حين !!
قال تعالى إنَّا كل شيء خلقناه بقدر ؛ فالحق يعلو ولا يعلى عليه !!