بنشاب: في عهد الرئيس السابق معاوية ولد الطايع، كنا نتظاهر و كنا نتقدم الصفوف رغم كوننا أطفالا صغارا
كنا نلهب مشاعر الطلاب و الجماهير بجرأتنا غير المعتادة و نحن نشق حواجز الشرطة و احيانا كان بعضنا يتلقف القنابل المسيلة للدموع و يرميها على الشرطة المهاجمة و حدث في مرات عديدة أن تمكنا من إشعال سيارات و باصات للشرطة و غنمنا بعض المعدات، لكننا بالمقابل كنا ندفع الثمن من قادة الإحتجاجات إعتقالا و ضربا بالعصي الكهربائية خلال حفلات التعذيب في مخافر الشرطة.
كنت أحضر يوميا إلى الرفاق بنية الإعتقال و التعذيب و لم يكن الأمر يزعجني، بل كان الأمر روتينيا بالنسبة لي و أتذكر أن أحد الأصدقاء توفي لاحقا بسبب مرض ـ رحمه الله ـ كنت عندما ألتقي به في اليوم التالي يقول لي إنه فقد نعليه في المظاهرة و اشترى أخرى جديدة.
تذكرت حكاية "النعل" لأنني لاحظت أن المظاهرات الآن، أكثر ما يميزها هو كثرة النعال الملقاة في الشوارع، على عكس فترة التسعينات، بل الأغرب أن (ثوار الماراتون) لا يجدون غضاضة في القول بأنهم فقدوا نعالهم و كأن الفرار من المواجهات مفخرة. أذكر حادثة وقعت لأحد الأصدقاء من "الإخوان المسلمين" باحث و قيادي كبير الآن في الحزب الحاكم، التقيت به مرة قرب (باسيم بنك ـ حاليا) و أنا في طريقي إلى مظاهرة كنا نحضر لها فسألته لماذا هو هنا ؟ فقال لي إن الشرطة فرقتهم لما لاحظت تحشداتهم ، فضحكت منه لأنه كان يحمل إحدى نعليه و يبدو انه فضل فقدان نعله الأخرى ليفلت من قبضة الأمن.
من لا يحافظ على نعليه في مواجهات مع الشرطة لن يملك الشجاعة للتضحية بدمه و ماله في سبيل الوطن.