من المعروف أن الرئيس الحالي رجل هادئ الطباع هادئ
اللسان . والهدوء اسلوب في الفكر والحياة ، يعني أن الإنسان الذي يتمتع به لا يتخذ قراره أو يبلور وجهة نظره إلا بعد طول تدقيق ورؤية . ويعني كذلك أنه يبسط هذا القرار أو وجهة النظر من خلال محاولته إقناع الآخرين به وليس من قبيل تسجيل المواقف أو الشعارات .
هذا النوع من الهدوء الذي يتمتع به ولد الغزواني في مواقفه يخلو من التشنج الذى يصيب أحيانا آخرين أصحاب دعوات كريمة يُسيؤون إليها بالعصبية الشديدة والخروج على حدود اللياقة .. وربما كان من مصادر هذا الهدوء أن ولد الغزواني عسكري كفء تيسرت له الموهبة والخبرة والثقافة فهو لا يدلى بدلوه في بئر لا يعرف مياهها وعمقها . كذلك فهو يُؤمن بما يفعل إيمانًا حارًا يمنح لتصرفاته أهم ميزة يجب أن تتوفر فى كل رئيس وهي الهدوء. وقد تضافرت هذه العناصر وغيرها فى إكساب شخصيته صفة الاعتدال ..لعل صورته فى الأذهان هي المتحدث الصامت بإسم المعتدلين . ولكن المعادلة على هذا النحو ليست دقيقة فالهدوء وما يصاحبه من تدقيق وحرارة الإيمان و الصدق لا يفضى بالضرورة إلى الإعتدال إذا كان ثمة أصلا شيء بهذا الإسم والرسم . لم يحاول ولد الغزواني في أي وقت أبرار أفكاره الأساسية وهي ذاتها أفكار الإسلام السياسي ولأن هناك أكثر من ( الإسلام السياسي) فإن إسلام ولد الغزواني السياسي ينتمي إلى الجذور البعيدة والقريبة للإخوان المسلمين ولكنه كعسكري لم يتحجر في قوالب جامدة، بل كان يتابع المد والجزر لحركات الإسلام السياسي في العالم متابعة تفصيلية ويتفاعل مع مسيرتها المتعجرفة والمعقدة أحيانا سلبا وإيجابا .
هذا هو ( الإعتدال) الذى يتميز به ولد الغزواني والذي أشاع في المجتمع بأسره مناخا متواطئا مع المفسدين والارهابيين المتأسلمين مغذيا لهم بكل بذور الفتنة الكبرى وليست الفتنة الطائفية وحدها وهو المناخ الذي يفرز رؤوسا عفنة ويحميه..
أين إذن يجد ولد الغزواني نفسه اليوم وهو الداعية الصامت الأول للإعتدال ؟
أيًا كانت القضايا والأزمات التي تضرب الدولة فهو لم يعالجها وأيًا كانت التشابكات المعقدة بين المصالح والمطامع وبين الوسائل والغايات وبين الظواهر والجواهر فهناك خط مستقيم من الضوء يخترق كل هذه الظلال :
*.الشعاع الأول من هذا الضوء هو الهدف : ولد الغزواني لا ينوي أبدًا إقامة دولة باقية فهو حتى الآن يسير باتجاه معاكس للبناء والإنجازات ونماذج هذا الشعاع واضح لمن يرى..
*.الشعاع الثاني هو ربطه الثابت بصفة الاعتدال بجماعة الارهاب الاخوان وكانت مواقفهم في الاحداث الجارية هي السكوت مقابل أن تكون الأمعاء على الصامت.
*.الشعاع الثالث هو دعمه الموصول لتشويه صورة الرئيس السابق بعدما اجتمع بكل الأطياف من عملاء وخونة وترك لهم الحبل على الغارب .
ولكن هذا المثلث من أشعة الخط المستقيم لا يبدو بهذا الوضوح وسط الظلال . ولد الغزواني يسلك هذه الغايات بسبل متعددة . إنه صاحب ( التدين السياسي ) و ( العهد المضاد) .