بنشاب : حديث طويل وعريض في بلادنا هذه الأيام حول أهمية استقلالية القضاء وحول ضرورة عدم التشويش عليه فيما يتعلق بالملفات التي يتعامل معها اليوم، أو سيضطلع بها غدا ؛ وطبعا هذه نقطة يُفترض أن تتقاطع فيها كل مكونات الطيف السياسي الوطني، لكن ذلك لا يمنع من إبداء الملاحظات الموضوعية التالية:
١- القضاء المستقل المعني هو “القضاء الجالس”، أما النيابة العامة والشرطة فتأتمران بأوامر السلطة التنفيذية التي تشكلان امتدادا لها، لذا فإن الحديث عنهما لا يعني محاولة التشويش على القضاء،
٢- يجمع أهل الاختصاص على أن الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز، لا تمكن محاكمته إلا من طرف محكمة عدل سامية وبدعوى الخيانة العظمى، أما غير ذلك فتصفية حسابات سياسية لا غبار عليها ؛ ولا يراودني أي شك أن القضاء الجالس الموريتاني -عندما يصله الأمر- سيرد عليه “بعدم الاختصاص”، فبيان النيابة العامة حول تصريحات “المحامي الفرنسي” أكد بوضوح أن الملف يتعلق بالفساد وبالفساد فقط،
٣- بما أن ما يسمى بلجنة التحقيق البرلمانية قد سلمت التقرير الذي أعدته مكاتب الخبرة الأجنبية الثلاث إلى قطاع العدل، فيجدر بالبعثات البرلمانية التي انتدبها أمس الحزب الحاكم إلى الداخل للحديث عن هذا التقرير، أن تعود على أدراجها لأنها تشوش على مجريات التحقيق وعلى الملف برمته، إذ تؤكد هذه البعثات منطق استهداف الرئيس السابق والتصميم على تشويه سمعته داخليا وخارجيا،
٤- من أجل عدم التشويش على “القضاء”، يجب الاحترام الحرفي لقانون المحاماة (المادة ٣٢) وكل النصوص القانونية ذات الصلة، واحترام حرية التعبير لدى المحامين وعدم الزج بهم في أتون “الحربائية” السياسية في بعدها “اتلحليحي” المحلي، محاولةً للتأثير عليهم، كما يجب احترام حياتهم الخاصة، لأن الأمر -وبكل بساطة- لا علاقة له بهذا المنحى،
٥- عدم اللجوء إلى الشائعات المغرضة والصور المفبركة، تشويشا على التحقيق الإبتدائي وتأليبا للرأي العام ضد رئيس سابق في حالة احتجاز خارج الأطر القانونية وفي ظروف سيئة من المنظورين الإنساني والأخلاقي…
٦- نظرا لأهمية محاربة الفساد واحتراما للسلطة القضائية، فإنه يجدر بالسلطتين التنفيذية والتشريعية ألا “تغرقا” القضاء في ملفات تم فرزها بصفة انتقائية وموجهة ومسيسة، لذا أقترح إعادة عملية اختيار الملفات على أساس عشوائي (موضوعي) ضمن عينة كافية لمعرفة حقيقة هذه الظاهرة الخطيرة، سبيلا إلى محاربتها بطريقة فعلية وناجعة،
٧- إيجاد أطر ملائمة للتعاطي بهدوء وتبصر مع الإشكالات السياسية، بعيدا عن القضاء ورفعا عنه للحرج.
إسلك أحمد إزيد بيه