بريد إلى فخامة الرئيس:
من ضروب التناقض الصارخ في المنطق الصوري ، أن تحظى أرضك بمخزون هائل من أونقصات الذهب عالي الجودة ، وأنت تجوب الشوارع هائما تستجدي للحصول على الماء ؛ مشهد يتكرر بكل ما يحمله من إهانة ، من حين لآخر بمدينة أكجوجت ، جوهرة الشمال .
كانت الأزمة في بداية أمرها تقتصر على أحياء معدودة، واقعة في الهوامش، وهي حديثة عهد بالتخطيط ؛ إذ كان الخزان الوحيد يستوعب يوميا 1200متر مكعب، تمده شبكة أنابيب شركة MCM بالفائض عن حاجياتها، من عذب مياه بحيرة بنشاب ، التي تستنزفها بإفراط لأغراض الصيانة والتصفية في منجمها في الوقت الذي تصلح فيه المياه المالحة لتلبية كثير من تلك الحاجيات.
وقد تسبب نزوح بعض السكان مؤخرا نحو المدينة ، نظرا لعوامل منها توالي سني الجفاف ، وانعدام المرافق الصحية والتعليمية في الريف ؛ وفِي ظل التمدد العمراني للمدينة ، - وفق تخطيط أقرب للعشوائية أحيانا ، حيث قضَّت السيول مضاجع عشرات الأسر ، وتشرد آخرين كل موسم أمطار ؛ - بدت الحاجة ماسة إلى تعزيز الخزان بآخر ، إذ لم يعد يكفي ما يقل عن 3500 متر مكعب وفق بعض التقديرات ؛ نتيجة الضغط على كمية المياه المتاحة ؛ نظرا لزيادة أعداد الساكنة ؛ وتركزت الأزمة في حواف مركز المدينة وتتصاعد وتيرتها بالاتجاه نحو الأحياء الواقعة في الهوامش ؛ الأمر الذي واكبه إطلاق حزمة مشاريع الاستقلال مطلع العام الماضي ، ومن ضمنها خزان ومنظومة لتحلية المياه ، وشبكة أنابيب جديدة .
أحيط الموضوع بهالة إعلامية ، تحدث أحد الوزراء يومها عن بعض التفاصيل ، والخير الزمني الوجيز الذي ستنجز فيه المشاريع ؛ للأمانة لم أكن أرتاح للأمر ولا إليه ! مع أن حلما ساورنا طيلة تلك الفترة ، لتكشف الأيام أنه أقرب إلى الوهم المريح .
فالسبب المباشر في الأزمة الراهنة هو تهالك الشبكة القديمة ، والإجهاز على ما تبقى منها في خضم إنشاء الأرصفة على حواف الطرق المعبدة ؛ والاستغناء عنها بشبكة الأنابيب المنجزة حديثا لتوزيع مياه الآبار الارتوازية ، بعد عملية التحلية كما هو مبرمج ، لكن شيئا من ذلك لم يقع ، بدا القائمون على المشاريع التي كلفت 4 مليارات ، أقرب إلى حاطب بليل ، وهم في غمرة شواغلهم فرطو في جوانب تلامس عَصب الحياة اليومية للمواطن ، وأفرطو في أخرى تقل أهمية ، من إنارة وصباغة أرصفة ........ إلخ .
وكلها نذر سوء أنبأت بما آل إليه الأمر ؛ دشنت المشاريع في مراسيم بهيجة، كل على حدة ، وبقيت الشبكة المائية في انتظار المجهول ، تم تدافع المسؤولية بشأنها ، ردتها بعض الشائعات المسربة من الأروقة التي لم تغن عنا شيئا ، إلى كون الشركة المسؤولة تأخرت في استجلاب أجهزة منظومة التحلية ، بدأ الخرق يتسع على الراقع ، ودخلت شركت EiFFAGE العاملة في مقالع الحجارة على مشارف المدينة على الخط ، والتي لم تكتف بتلويث البيئة وإهلاك الحرث والنسل ؛ بل زاحمت الساكنة في مصدر المياه الوحيد ، والذي لا يكفي لتغطية الحاجة ؛ ليتم اللجوء إلى حلول بدائية لا يمكن بحال أن تصمد أمام موجة العطش الخانقة .
دفعت حدة الأزمة مجموعة من الساكنة إلى النزول للشارع في مناسبتين وتجمهرت أمام مباني الولاية والمقاطعة إذ لم تجد بدا من خرق إجراءات الحظر ، التي تعتمدها السلطات العليا في البلد، وما دام الموت هو المخوف ، فقد رأوه رأي العين على هذه الحال ؛ وعادو بالرغم من كل ذلك في النهاية بخفي حنين .
وبما أنه لا يضاهي SNDE في سوء الخدمات إلا Somelec ، دخلت عليها الخط وانضافت الانقطاعات المتكررة للكهرباء مؤخرا لسابقاتها ، لتزيد الأزمة تفاقما ، والأوضاع ترديا ؛ و قد أثر هذا الوضع على كافة مناحي الحياة ، واستنفدت جميع الوسائل لإبداء الامتعاض وإيصال صوت الساكنة المبحوح ، للسلطات المحلية ، فعمد الجميع منتخبين ومنتخِبين ؛ كل على طريقته إلى محاولة إيصال صورة الوضع المتأزم كما هي ؛ لهرم السلطة في البلد ممثلا في فخامة رئيس الجمهورية ، لوضع حد لهذه الدوامة التي لا تطاق وفِي ذلك الإطار تدخل هذه التدوينة .
فخامة رئيس الجمهورية :
إنكم أطلقتم برنامجا طموحا ، يندرج في سلم أولوياته ، تقريب الخدمات وتوفيرها من المواطن الموريتاني أينما كان ، سيما أبجدياتها والتي منها الماء والكهرباء باعتبارهما عَصب الحياة ، الذي لا غنى ؛ والتفت ساكنة أكجوجت في غالبها الأعم ، خلف برنامجكم ؛ وأنتم تدركون أكثر من غيركم ، أن عريضة مطلبية قوامها توفير خدمتي الماء ، والكهرباء لمدينة منجمية ؛ ورافعة محورية لاقتصاد البلد ، لا تستقيم عقلا ؛ ولا تصلح للزمان الذي نحن فيه .
لهذه الاعتبارات وغيرها ، نطالبكم بإعطاء أوامركم بوضع حل جذري لهذه المشكلة ، وانتداب لجان فنية مختصة تقوم على تنفيد أسرع الحلول جدوائية و نجاعة ؛ على أن تبعثو بتطمينات لساكنة أكجوجت التي تقف على أحر من الجمر ، بواسطة الناطق باسم الحكومة أو أي قناة أخرى ، لتطمئن قلوب الجميع ، ويدركوالآلية التي اعتمدتم مشكورين ؛ وعلى أمل تسني ذلك .... .............. إنَّا منتظرون.