النسيان يعشش في شوارع أدباي، بين منازل الطين المتهالكة في الجانب الغربي من سوق المدينة، في أعرشة وأزقة سيت2، بين حدائق بطحاء الحدائق وصانتر، وعلى سهول رمال أمكيزيرة المتحركة .
نعم نسيان أزلي أبدي سرمدي كتبه القدر وأراد له أن يكون من صنع ابناء المدينة أو من يدعون البنوة.
نفس المأساة التي تغيب بها شمس أكجوجت في مساءاته المخيفة، تطلع بها أخرى مع كل فجر بأنياب حادة، كأن طبيعة تأبى إلا أن تكون مساهمة في الظلم الذي تعودته المدينة وسكانها المنسيون.
مدينة تقهرها طبيعتها القاسية، ولا تكاد تجد من مؤشرات تبعتيها للسلطة، سوى زغاريت كاذبة تطلقها عجوز لا تفقه للحياة معنى.
سكان يعتصرون الحياة من العدم، لاماء ولا مرعى ولا حياة لمن تنادي... حين تتعود القسوة تكون الحياة كذلك.
مجلس بلدي، إدارة محلية - الوالي الحاكم - ومجلس جهوي ومديريات لأغلب الوزارات، أسماء وشعارات وموظفون سامون ببدلات أنيقة، مجتمع مدني وجمعيات شبابية، شركات عملاقة، وشخصيات سياسية وازنة. كل هذه الأمور التافهة مع وصاية دولة عملاقة، لم تستطع أن تؤمن قطرة ماء لعجوز يسكن على سهل جبل شتدوه..
مجلس بلدي بقيادة عمدة لم يبق من حوله الثاني إلا أيام قليلة، ولم تضح بعد معالم سياسته التي ربما لم يعرها أي اهتمام بعد أن ولى ركب الناخبين على ادراجهم يمتطون جوادا وقوده جنهم واموال الضعفاء المسروقة..
كثيرة هي المشاريع التي مولت في فترة هذا المجلس البلدي، لكن الفساد أذابها في جيوب أكلة المال الحرام قبل أن يعرف السكان لها طعما أو رائحة، نسق توارثته المجالس البلدية في هذه المدينة كابر عن كابر... صمت خافة داخل المجلس لاصوت يستنكر الظلم والفساد.
الاسم كبير جدا - بلدية أكجوجت - والمعنى تخبرك به القامة المتناثرة في كل مكان حتى في مقر البلدية وداخل مكاتبتها المتعفنة من الغبار... وظلم الحيف.
ولاية حبلى بالثروات، ذهب ونحاس وحديد ومقالع حجارة وآلالف الهكتارات الصالحة للزرعاة، وكثافة سكانية قليلة جدا - جميعها تعيش الفقر شكلا ومعننا - لكن هذا كله يحتاح إرادة جادة لا إرادة محتاجة... إنه غضب الراب، أو لعل الأسطورة التي كنا نسمعها - أيام الحروب الصليبة بين أحياء المدينة - صحيحة، وهي أن شيخا صالحا دعى أن "لاعمرت ولا خلات".
الفساد إنه الخصوصية التي تمتاز بها هذه المدينة عن مثيلاتها الفساد في كل شيء، لا صحة، طبعا ولا تعليم، بل هناك تمريض وتجهيل، المدينة لا شيء فيها يدل على المدنية والتحضر، غياب تام لأجهزة الدولة الخدمية ومؤسساتها شبه الخصوصية.
ظلام دامس وعطش دائما وويل وويلات.. وضعية مزرية وتتفاقم بشكل كبير، صنعها أبناء المدينة العاقين، وباركها سكان المدينة المساكين..