بنشاب : في العصر الجاهلي دأب التجار _ رجال الأعمال أنذاك _ على تقديم الهدايا و العطايا لقادة قريش لا حبا فيهم و لا كرما منهم بل بغية تحقيق مآرب أخرى كتطوير مجالهم التجاري مثلا و إدخال بضائعة جديدة تغزو سوق مكة و دائما ما يصل التجار لمبتغاهم كل حسب ما سخي به من هدايا...
ذاك عصر الجاهلية و هذا العصر الحديث لا فرق بين الإثنين فيما يتعلق بمزج السياسة بالتجارة و عالم الأعمال حتى و لو بعد مضي قرون عديدة.
فالأيام الأخيرة شهدت هدايا عديدة قدمها رجل أعمال_ أكرم من حاتم _ إلى حزب الإتحاد من أجل الجمهورية منها مقر جديد تم شراءه ب 90 مليون أوقية قديمة و سيارة جديدة لحاكم الحزب..
أموال وفيرة تلك التي سخي بها ولد أبنو للحزب في ظل وجود شعب إفترسته أنياب الفقر و البطالة و غلاء المعيشة فأردته شبه قتيل..
لا عطاء بدون مقابل مقولة هي أساس عالم التجارة و رجال الأعمال، فالأخيرون ليسوا بالأغبياء لينفقوا أموالهم _ إنفاق ليس في سبيل الله _ على الأحزاب و الساسة هنا و هناك بل لغاية في أنفسهم يسعون لها.
فهل يعي الحزب و القائمون عليه هذا ؟
إننا لا نلوم رجل أعمال أي كان فهو حر في تصرفاته و رغم أن دعم رجال الأعمال للسياسيين وفق الشروط القانونية للسياسيين تقليد معروف في أكبر ديمقراطيات العالم، إلا أن تسابق المتبريعين الذي لا يخلو من تباه يبرر لنا التساؤل : لماذا لا يتبرع رجال أعمالنا لصالح الفقراء و المستشفيات و العاطلين عن العمل و مشردي الحرائق و قرى الداخل التي يتهددها العطش؟ الواقع أن بعض رجال أعمالنا _ بل أعمالهم _ لا يريدون لعلاقتهم بفقراء الشعب أن تتغير بل كل همهم أن تستمر علاقة إمتصاص عرق و إثراء على حساب المواطن البسيط برفع الأسعار و التهرب من الضرائب و جني الأرباح الطائلة، أو علاقة إستعباد بشع حين يتعلق الأمر بالموظفين و محلات النخاسة المسماة مجازا مصارف..
فمتى يدرك هؤلاء أن لمواطنيهم عليهم حقوقا و يقدمون جزءا يسيرا مما جنو من معاناتهم و شقائهم لوجه الله وحده و حتى لا تتولد نقمة لدى فقراء الشعب بسبب الغبن و هو ما لو حدث لن يكون أبدا محسوب العواقب؟
السبيل