
بنشاب: إن النخبة التي تقدم نفسها اليوم، هي إفراز واقع مأزوم، يعاني من القصور الذاتي المريض، والعاجز عن مواجهة إكراهات الفضاء السياسي المتعثر في وجه التنمية والمعقد بجملة التفاعلات الدولية والمحلية، واقع مفروض من القوى الرجعية العاجزة عن فعل التغيير الوطني البناء، واقع يعيد إنتاج واجهة ناعمة لاستبداد جديد، يعد بوهم الحرية الزائفة، التي تنتج التبعية والتخلف، وترفع شعار الكفاءة الخادعة، الذي يسلب المجتمع ميزة التجدد والعطاء.
فلم نعد اليوم في مرحلة التساؤل عن وظيفة النخبة، وإنما يبدو السؤال الأكثر إلحاحا: هل من الممكن إعادة النخبة من جديد؟
هل يمكن في جو موبوء، خلق نخبة جديدة - رغم المعاناة - من رحم المجتمعات، لا من مختبرات السوء ونتاج الواقع المريض؟ ... نخبة تجدد الالتزام بالثوابت، والوعي الضروري لإزالة مطبات الوحل التنموي الذي نعيشه ... لا نخبة النفعية والانتهازية وخلق الطبقات الإقطاعية البائدة ...
نخبة تنتمي إلى كيان المجتمع العضوي، تحس آلامه وتعيش أوجاعه، لا إلى الامتياز والثراء الفاسد.
نخبة تحمل هم المعنى والإشكال المعيش، لا بريق الصورة والخروج على الواقع.
نحن بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى نخبة أخلاقية نقدية، مستاءة من الواقع، ولديها الرغبة الجادة في التغيير، وصولا إلى واقع أفضل.
نحن بحاجة إلى نخبة تجدد علاقتها بالسياسة بصفتها أفقا واعدا للكرامة والعدل والمصير المشترك.
