بنشاب: يعاني ما لا يقل عن 619 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من آلام أسفل الظهر، ويُتوقّع أن يرتفع هذا العدد إلى 843 مليون شخص بحلول عام 2050، وفق تقديرات بحث جديد.
ورأى الخبراء أنّ نحو 70% من الأشخاص الذين يتعافون من نوبة آلام أسفل الظهر يعانون منها مجددًا في غضون عام.
وتسبب هذه الآلام انزعاجًا جسديًا شديدًا، ومضيعة للوقت في العمل، وغالبًا ما يتطلب علاجها التوعية (على كيفية الجلوس)، والعلاج الفيزيائي، وتمارين مثل البيلاتس التي قد تتطلب رسومًا مادية، أو معدات متخصصة.
إلا أنّ هناك طريقة سهلة ومجانية للوقاية من آلام أسفل الظهر، على الأقل لبعض الوقت، بحسب تجربة سريرية عشوائية جديدة.
سار الأشخاص المشاركين في الدراسة بانتظام، بعد تعرضهم لنوبة واحدة بالحد الأدنى من آلام أسفل الظهر، فتراجع شعورهم بالألم بمقدار الضعف تقريبًا، مقارنة بمن لم يقدموا على ذلك.
وقال كبير الباحثين مارك هانكوك، أستاذ العلاج الطبيعي في جامعة ماكواري بسيدني: "كان لدى مجموعة التدخّل عدد أقل من حالات الألم التي تحد النشاط مقارنة بالمجموعة الضابطة، ومتوسّط فترة أطول قبل معاودتها تُعادل 208 أيام مقارنة بـ112 يومًا".
وأفاد هانكوك في بيان: "المشي تمرين بسيط، ومنخفض التكلفة، ومتاح على نطاق واسع، وأي شخص تقريبًا بوسعه ممارسته، بغض النظر عن الموقع الجغرافي، أو العمر، أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي".
المشي لمدة 30 دقيقة
وتابعت الدراسة، التي نشرت في مجلة لانسيت الأربعاء، وشملت 701 من البالغين الأستراليين، معظمهم من النساء في الخمسينات من العمر، تعافوا في الآونة الأخيرة من نوبة آلام أسفل الظهر أعاقت قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية.
تم تعيين كل مشارك على نحو عشوائي في مجموعة مراقبة من دون أي تدخل، أو برنامج فردي للمشي والتثقيف.
وطُلب من المشاركين في مجموعة التدخّل ممارسة نحو 30 دقيقة من المشي خمس مرات أسبوعيًا على مدى ستة أشهر بسرعات معدّلة بحسب العمر، والقدرة البدنية، والتفضيلات الفردية، كما سُمح لهم بالركض أيضًا.
وقال هانكوك لـCNN: "بعد ثلاثة أشهر، كان معظم الأشخاص المشاركين بالدراسة يسيرون بين ثلاثة وخمسة أيام في الأسبوع، لمدة 130 دقيقة كمعدل وسطي".
وطُلب من المشاركين ارتداء أجهزة عدّ الخطى لتتبع خطواتهم اليومية والاحتفاظ بمذكرات المشي. وبعد ثلاثة أشهر من البرنامج، ارتدوا أيضًا مقياس تسارع يقيس بشكل موضوعي عدد الخطوات اليومية، ومقدار المشي السريع، أو أي نشاط بدني آخر.
وشرح هانكوك أنّ البرنامج قدّم أيضًا ست جلسات توعويّة موجهة من قبل اختصاصيي العلاج الفيزيائي على مدى ستة أشهر، وهو نموذج أكثر فعالية من حيث التكلفة، من العلاج التقليدي.
ولفت أيضًا إلى أنهم ضمّنوا البرنامج "3 جلسات قياسية مع اختصاصيي العلاج الطبيعي، و3 جلسات متابعة قصيرة عبر الهاتف". وأشار إلى أنه "في الدراسات القليلة السابقة من برامج التمارين الوقائية لآلام الظهر، شمل التدخّل نحو 20 فئة جماعية.
وأوضح أنهم ناقشوا "أيضًا استراتيجيات بسيطة لتقليل خطر تكرار آلام أسفل الظهر، وتعليمات حول كيفية الإدارة الذاتية لأي تكرار بسيط.
تدخل فعّال من حيث التكلفة
وقالت ناتاشا بوكوفي، مؤلفة الدراسة الرئيسية وزميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ماكواري، إنه بالإضافة إلى توفير فترات أطول من دون ألم للمشاركين، فقد أدى برنامج المشي إلى تقليل فترة التوقف عن العمل والزيارات الطبية، إلى النصف.
وأفادت بوكوفي في بيان: "إنّ التدخلات القائمة على التمارين الرياضية للوقاية من آلام الظهر التي تم استكشافها سابقًا تعتمد عادةً على مجموعة، وتحتاج إلى إشراف سريري وثيق، ومعدات باهظة الثمن، لذلك لا يمكن لغالبية المرضى الإفادة منها".
وتابعت: "لقد أظهرت دراستنا أنّ تمرين المشي هذا يعتبر وسيلة فعّالة، ومتاحة للجميع أكثر من أشكال التمارين الأخرى".
وأوضح هانكوك أنه نظرا لهيكل الدراسة، لم يكن ممكنًا تحديد مقدار الفائدة الناجمة عن المشي أو البرنامج التعليمي الذي يقدّمه اختصاصيو العلاج الطبيعي.
وأردف: "نعتقد أنهما يتكاملان، حيث يساعد التثقيف في التغلب على تجنب الحركة والخوف منها، في حين أدى برنامج التدريب الصحي والمشي إلى تغيير السلوك".
وفي حين بدا التدخل كأنه تدريب سلوكي، وليس علاجًا طبيعيًا فعليًا، فإن فعل المشي ربما كان بالفعل السبب الرئيسي للتحسن، بحسب أ. لين ميلار، المعالجة الفيزيائية المتقاعدة وأستاذة سابقة في جامعة ولاية ونستون سالم بكارولاينا الشمالية، غير المشاركة في الدراسة.
وقالت ميلار لـCNN: "هذا أمر مهم، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن الاستجابة للألم كانت سلوكية جزئيا. كان التدريب محدود المدة، وبالتالي يمكن أن يشيروا إلى أن التدخل الأساسي المتمثل بالمشي كان المساهم الرئيسي للاستجابة على المدى الطويل".
ماذا يفعل المشي بالجسم؟
كيف يخفف المشي آلام أسفل الظهر؟ أولاً، التمرين مفيد لكل جزء من الجسم.
وأوضحت ميلار:
- يجلس الشخص أقل، والجلوس ليس أفضل وضع للظهر".
- يحسّن الدورة الدموية العامة، وبالتالي يحسّن الدورة الدموية لعضلات الظهر التي تدعم الفرد بشكل فعال أثناء الحركة.
- تساعد حركة المفصل أيضًا على تدوير سوائل المفصل، وبالتالي قد تستفيد مفاصل العمود الفقري من الحركة".
- ويحسّن عملية التمثيل الغذائي وكمية السعرات الحرارية المحروقة، بحسب الخبراء. فيخفف انخفاض الوزن العبء عن الظهر والساقين، ما يضمن صحة أفضل للعمود الفقري.
- ويحسّن المشي السريع أيضًا قوة العضلات الأساسية حول العمود الفقري وفي الساقين، وكلها يمكن أن تحسن وضعية الجسم وتوفر دعمًا أفضل للعمود الفقري.
- يزيد المشي أيضًا من قدرة العضلات على التحمل، فتصبح أقل عرضة للتعب والإصابات. تمارين تحمّل الوزن مثل المشي تزيد من كثافة العظام، وتحمي من الإصابة بينما تحفز إطلاق الإندورفين، وهو هرمون الجسم الطبيعي الذي يساعد على الشعور بالسعادة ويقلل الألم والتوتر.
وخلصت ميلار إنه عند بدء برنامج المشي، من الضروري ارتداء أحذية جيدة ودعامات قوس القدم، وقد يتم تعويض المشاكل المحتملة من خلال برامج التمارين مثل تدريب المقاومة والتمدد.
وأعربت عن اعتقادها أيضًا "أنه من المهم أن تكون هناك خطوات ومسافات متنوعة على مدار الأسبوع".