بنشاب: بين التعهدات و تدشين المكبات خمس سنوات توثق جمال البدايات ووجع النهايات
———
لكل فرد الحق في اختيار مسار حياته، وتسطير سجل تاريخه بيده، ولا يجوز للغير مناقشة ذوقه و لا قناعاته، كما لا يحق له تغليف رؤيته بلحاف التحريف و لا التزييف خوفا من أحكام الآخر.
وقد شهدنا منذ خمس سنوات على تشكيل ولد الغزواني لوجه فترة حكمه على مقاس اجتهاده، وطبقا لميوله السياسي والاستراتيجي، حيث كانت قراراته في الغالب تترجم نزعة غريبة يحمله تيارها القوي إلى فلسفلة التخلص!
التخلص من كل المعالم التي سبقته، فعلى مستوى الساحة السياسية بادر بتنفيذ السياسات الرامية لمحو ملامح المشاريع النضالية المؤسسة على مر عقود من الزمن بعرق و جهد و أنفاس التضحية، ولم يدخر جهدا في سبيل انتزاع جلدها و حشوه بطين التركيع و الاستلاب، ثم بروزتها و تعليقها في مكاتب حزبه، كجدارية مؤذية لكل الطامحين لتسلق سلم المعارضة، حيث تطرد تلك الجلود النصف ميتة، طاقات التطلع و التأمل و تكسر مرايا الإيمان بالمبدئية و التمسك بالقناعات و شعارات المثالية.
وبيده الأخرى ظل _حفظه الله_ ينمص بملقط التضييع والإهمال المتعمد كل المكتسبات و الإنجازات التي وجد في الوطن ساعة تسلمه الحكم، خاصة منها ماتحقق وتجسد خلال عشرية القائد محمد ولد عبد العزيز، صانعا من بصيلات الأمل أهرامات، ومن جلود المناضلين عباءة، ولم تبق لائحة سوداء لأكبر المفسدين من مختلف الحقبات العمرية للجمهورية إلا وحملتها عرباته إلى قصره لتدويرها، فإن كان نزار قباني قد سطر تفاصيل غزواته في قصيدة (الرسم بالكلمات)، فإن فخامة الرئيس قد رسم بعمله الصامت خريطة نهجه على صفحة تاريخه بحبر التخلص و التفكيك و إعادة "ضبط المصنع" لمختلف برمجيات الإصلاح و التشييد التي سبقته.
ولا شك أن للرجل رؤية واضحة، يجسد بعمق عبرها فلسفته الخاصة، مما يجعلنا ملزمين بالاعتراف له بالسير بثبات نحو تنفيذ خطط مدروسة، يجسدها بتناسق و تنظيم دقيق، منها على سبيل المثال: تشييده لأكبر السجون بالتزامن مع سنه أبشع قوانين التكميم التي عرفها البلد!
وكذلك اعترافاته المتكررة بتفشي الفساد بالتوازي مع حرصه على تعيين المفسدين و تدويرهم وعدم محاسبتهم!
و مثل رده العميق : (لا أريد أن يكون تفكير مواطنينا هكذا) على سؤال حول تعهده بعدم تركه لأحد على قارعة الطريق!
و اليوم كان تنقله كل هذه المسافة لتدشين مكب للنفايات في نهاية مأموريته و على مشارف حملته الانتخابية المقبلة، يحمل رسالة عميقة مفادها أن نهجه يعتمد في الأساس على إيقاظ الحقائق في نفوس الشعب و تحميلهم تبعات انجرارهم وراء أقداح الترغيب و ركوعهم أمام سياط التركيع، و انتظارهم قدوم منقذ لا يبذلون في سبيل تجسده أو حتى حمايته أبسط جهد، و يكون و لد الغزواني بذلك قد أنجز لنا اليوم بحشده نخبة الوطن على قارعة الطريق أمام مكب للنفايات أعظم إنجاز يمكنه إيقاظنا من الوهم و وضعنا أمام مسارين مختلفين أحدهما مكتظ ويؤدي إلى مكبات التاريخ و الآخر شبه سالك و يوصل إلى فسحات الوطن الهارب بين مسارب الاختطاف و العجز و الاستسلام.
قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.
#بقوة_شعبها_موريتانيا_ستنتصر