بنشاب: لَم يَزل صدَى التعهدات والوعود الجوفاء يَرِنّ في الأسماع، فخمسٌ عِجاف لا تكفي لِنَنسَى شتعالَ الأماني وننثُر رَكامَ الخيبات رمادًا في مَهبّ الريح
كان "صاحبُ الفخامة" حكيما حين آثر التواري خلف جدران الصمت وقرّرَ كتابة رسالة طويلة من 9 صفحات لشَعبٍ نِصفِ أُمِيّ
وحدَنا نحنُ الشعراءُ والعُشّاق القدامَى نعرفُ حينَ نُخيّبُ ظنَّ حبيباتِنا، أنَنا أجرَمنا، فًعطّلنا لغة الكلام، وبعثنا المراسيلَ ودَسَسْنا مواجِعَنا وأحزانَنا ومَعاذيرَنا في طَيّاتِ الورَق
فليس من اللائقِ أن نكذبَ بعيوننا ونريقَ ماءَ وجوهِها ثم نتمادَى بذات الوجوه بعد سنين!
ولكن ماذا جنَينَا على أعصاب الورق لِنُحمّلَها وعودًا كاذبةً جديدةً!
ما ذنبُ الورَق والحِبر والأختام!
أجيبي أجيبي ما مصير رسائلي
فإني مذ ضيعتها ألف ضائع ..
ألم تترك النيران منها بقيةً
ألم ينج حتى مقطع من مقاطعي!
لاشكّ سيَلتهِمُ النسيانُ صفحات الرسالة التّسع؛ كما التهَمَ التّسويفُ والوعودُ خمسَ سنين من أعمارنا؛ فالذي وعدَ وأخلفَ لَن يَجدَ غضاضةً في مَنح مزيدٍ من الوعودِ واقترافٍ مزيدٍ من الإخلاف
فالكاذبُ والخَلوف لا يجد في نفسِه حرَجًا مِمّا قضَى ولا أسَفًا لِما أخلَف
إنّ حبل الكذبِ قصير كما يُقال؛ ولكن حبلَ الأمل الذي تدلّى للناس في فاتح أغسطس كان طويلا طويلا....
فكيف يطول ويقصُر في آن واحدٍ إنْ لم يكن من المطّاط!
ولا شيءَ أسرعَ من اشتعال المطاط...
اقرؤوا رسالةَ "صاحب الفخامة" بأناةٍ؛ فلعلّ فيها ما تجاوَزتهُ رسالةُ أبي زَيد؛ بلْ لعلّها "رسالة الغفران"!
خالد عبد الودود