بنشاب : (فَتَيانِ يخرجان من السجن و يدخلان القصر الرئاسي)
خرج الفتيان من السجن بعفوٍ مُنْتَزَعٍ فواصلا معركتهما فكان لهما و للشعب السنغالي الظفر في ظاهرة سيتوقف التاريخ طويلا عندها.
قد لا أكون مبالغا إن قلت أن ما حدث في الجارة السنغال كان معجزة بكافة المعايير .
من كان يصدّقُ أن فتَيَيْنِ (فاي وسونكو) بقطاع الضرائبينتزعان الخروج من السجن و يصلان سدة الحكم في البلد الإفريقي الذي يُعتبر عاصمة النور الثانيةالمحصَنة من الضياع؟
و أية ظروف ساهمت فيه و كيف تم ذلك؟
و هل ستنتشر تلك العدوى؟
قد لا نمتلك أجوبة لتلك الأسئلة لكنه لا يمنعنا من محاولة فهم و تحليل الظواهر التي صاحبت نضال الثنائي الصّامد في البلد الجارِ.
ابْتداءً لا أعتقد أن ثمة من لا يدركُ تأثيرَ ما تم في السنغال علي الجغرافيا الإفريقية التي –و الحق يقالُ –يلازمُ أهلَها اليأسُ و القنوطُ من أي تغييرٍ مفيدٍ علي المستويات السياسية و الاقتصادية حيث جرت العادة بأن تُهيئ الأنظمةُ بدائلها حين يلزم امتثالُ الدستور في مادته المتعلقة بسنين المأمورية و ليصبح التغييرُ شكليا عن عمقٍ و في أحسن الأحوال تستقر الأمورُ علي ما كانت عليه إن لم تتراجع .
و لو كان المنتهي ولايته قادرا علي فعل شيءٍ لفعله في الأولومن الطبيعي أن نسْخَته التالية لن تأتي بأحسن من ما جاءابتداءً فهو اشتقاقٌ بمعنى الكلمة.
و القول بانتشار العدوى السياسية في إفريقيا يدعمه التطابق و التماثلُ في الظروف السياسية حيث يعمُ حبُ التغييرِ ويعيش المواطنون نفس الغلاء و الكبْتِ و غموض الآفاق و الانحدار على مستوي التجربة السياسية حين لا تُراعى المصلحة العامة ولا يتساوى النّاسُ في الشيء العمومي و يكون الحظ للْأشْطَرِ في لعبة(ويْلَمَّكْ يّلْوَرانِ) هذا من دون أن نعمم.
و من ذلك ينشأ التسْخين و الاحترارُ و بدل التهدئة التي يملها الناس يُقامُ بتجريبِ آلية أخري لأن تكرار نفس التجربة لا يأتي بجديد كما عند الرياضيين, فإعادة نفس التجربة من دون تعديل يعطي نفس النتيجة.
هذا المشهد ولَّدَ دهشة عامة في القارة نتيجة إجهاض كل توْقِ يُراد له أن يغيرَ أوضاع الأمة التي تستقيل نخبُها واحدة بعد أخري كلما حَمِيَ الوطيسُ.
لقد أدرك الإخوة في الدولة الجارة أن الآتي هو المهم وهو الموجود طبقا لمقولة الفيلسوف كانط:
( الموجود هو الآتي وليس الحاضر) .
فتحركوا بعد أن أعياهم التلاعب نافضين الغبار و مستفيد ينمن التعاطف العام عندما سُجنوا و سُلِبوا حقوقهم المدنية.
كما أن دعوات تأجيل الاقتراع والتردد والتهيُب من لدن الرئيس المنتهية ولايته ,الكل ساعد في بلوغ الفوز في أوّل شوطين كانا شبه مؤكدين من دون أن ننسي موقف المجلس الدستوري و العفو عن السجناء.
تبين اليوم للجميع أن إرادة الشعوب لا تُقْهر و أن الأمة عندما يُزمجرُ شبابُها يُفْصلُ بين الحق و غيره.
و تبين كذلك أن المالَ رغم كونه مساعدا فليس كل شيءٍ و أن حداثة السن غير معيقة إذا تم العزمُ و توفرت الإدارةُ.
أعتقد أن درْسَ السنغال لا يجب إهمالُه و أنه يستبشر الخير للأمة الافريقية.