بنشاب : كتب الأستاذ و الناشط السياسي، أحمدو شاش...
في نهاية السبعينيات، قرأت كتبا للدكتور مصطفى محمود، وأذكر من بينها "رجل تحت الصفر"، وهي رواية موغلة في الخيال العلمي، لكنها في الوقت نفسه، تولد انطباعا عن الحاجة والضرورة لفهم هذا المسمى ( بالصفر ZERO)، المميز بظواهر غريبة، فوجوده وعدم وجوده في الجماعة سيان (ما ايميل ولا ايعادل)، لا يزيد ولا ينقص، ثم في الضرب يمتص الموجدات (المنجزات والمكتسبات) ليحولها عدما، وهي مرحلة متطورة من المكر والخداع، لذلك سموه "بالماصة"، وهو لا يقسم عليه، وهذا يجعله لا يرث، إن دخل في الأعداد الوارثة، ثم هو قضية سالبة، إذا أخذنا لوغاريتمه في النظام العشري أو في أي نظام آخر.
الجميع في حياته، ينطلق من الصفر في التدريج الموجب، ولكل منا رقم يرافقه حسب نفعه وعطائه، يعبر عن رتبته، حتى مرحلة معينة، يتابع البعض في التدريج المتزايد، كما يتابع البعض في العد التنازلي، ومنها تتغير الأسماء: القائد، الزعيم، العالم، المفكر ، الشاعر... بديلا عن الأسماء الأصلية، أما الذين تهاووا في النزول، فموفق منهم من يحط الرحال عند الصفر ZERO ويستقر عنده، ويصبح اسما معتادا يرد على ألسنة الناس دون تكلف أو عناء، وهي حالة نحمد الله عليها، لأن تحت الصفر من الأعداد السالبة ما لا نهاية له، تتفاوت في ذلك بمكرها ونفاقها وتملقها وخيانتها، فالصفر منزلة نتمنى ألا ننزل تحتها وما ذلك على الله بعزيز.
فليس غريبا أن ينادينا البعض بالصفر فنجيب بابتسامة القبول والتسليم، ويصبح اسما مشاعا بين عشية وضحاها، فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ونتضرع للمولى عز وجل أن نستقر عند الصفر إذا لم نتجاوزه في التدريج الموجب.