بنشاب : حين نُدمن الرَّوية، نمضي بعيدًا عن الدَّهشة، يَقتادنا الرُّشد في طُرقات التأمل، نزهد في التفاصيل الصغيرة التي تأخذنا منا،.. فلم يعد من مُبهر لنا، ولم يعد من ملهم أو مذهل، كَفَّت الحدقة عن ممارسة الاتساع، ولِمَ تتّسع إذا كان الحياد يَحْضُرها بأسْرِه؟، وإذا كانت آمنت بأنَّ المُكوث على عتبات اللاَّمبالاة مَأثرة!
غير أنَّ..!
غير أنَّ الحياة قد تَسُوق إلينا من تلقاء لُطفها أحداثًا عذبة، فنلتقي حُلمًا يَعزلنا عن قناعات مُعاصرة، تُحاصرنا، مَفادُ بعضها، أنَّ وُدَّ أهْل اليوم في أغلبه فِعْل ريَّاء وَاهنٍ،..
هذا ما حدث معي منذ أيام!
ضَيَّفَني حَدَثٌ عشتُ على امتداده في قِلاع من حُبٍّ طليقٍ، صَنَعَ مُحيطي سِحره، بنُبل منهم يَصيغ نبله،.. كان اهتمامًا، كان إيثارًا، كان تدليلاً.. لقد أبدعت أسرتي-أهلي في تدليلي.. أسرتي الصغيرة، أسرتي القريبة، أسرتي الكبيرة.. أحسستُ أنِّي بُعثتُ تلك التي كانت صغيرتهم ذاتٍ حقبة فَنَت.. فاندهشتُ دون ابْطاء.. صِدقًا، مَدينة أنا لانبعاث هذا الإحساس، فمنذُ زمن بعيد والدَّهشة تَنأَى عنِّي، فما عدتُ أندهشُ بسهولة!
لكل أفراد أسرتي،.. لَكُم أُزْجي الحُبَّ الصّافي مِدرارًا.
وغير أنَّ..!
وغيرَ أنَّ الحَدث نفسه، جَعلني أعيدُ اكتشاف معدن صديقاتي-حبيباتي ، جَعلني أعيدُ ترتيبهُن تَصاعُديا للمرَّة الألْفِ في خاناتٍ أسْمَى، في مَنازِلَ أعْلى،.. أَيُعقَلُ كلّ هذا الود؟، كلّ هذا الجُهد؟.. أَيُعقلُ أنْ لا رَحِم يَجمعنا؟.
مازال في بعض القلوب الرَّؤُوم مَناضد مخملية بمساند مُريحة، حَنون،.. مازال فيها ضيَّاء يُشيع الأنس، وفيها مَعزَّة مُبطَّنة بقُربٍ ناعِم، تَنحني وهيَ تتعالى لتوفّر الوفاء بالعطاء.
كمْ هو جميلٌ أنْ أتَوزَّعَ عالقة بين حُبٍّ ثابتٍ مُقيم في مَكانين!.. في أسرتي وفي صديقاتي، وأنْ أهمس لي.. واصلي حُبَّهما، فحبّهما لكِ ثمين لا يَصدأ!
تحياتي.