بنشاب : وضع هذا الرجل حدّا لفسادٍ مستشر منذ نشأة الدولة وأصلح منها وفيها ما استطاع ؛ وقد عاد بعد ترجّله مباشرة نفسُ الفساد وأهله ومثلهم معهم ،
يحاربون الآن الرجلَ باستماتة وشراسة حتى خاطب بعضهم بعضا (أنه خطير يجب أخذ ماله ومنعه من السياسة) فتوعّد المُخاطَبُ أنه سيتصل بالداخلية ، فهم يستهدفونه للانتقام منه أولا ولئلا يعود ثانيا ؛
وخَلَفُه يردُّ لهم الكرّة عليه ويُمددهم بِأموال وبنين ويجعلهم أكثر نفيرا ؛ ولم نكن نتبيّن دقّةَ وصفِه المحاكمةَ باهْدادتْ الحلمه عل شْراطه ، رغم أننا لم نتعود منه كذبا أو مخالفةَ أفعالٍ أقوالًا ولا معنى للعهد عنده مُخالفا لمعناه عند الناس ، لم نفهم كثيرا معنى التحدي وكيف يكون في عهدِ نظامٍ مَثْبور وقضاء مأمور وإعلام مأجور ؛ بل حين منحوه فرصة يتوهمونها ثمينة لهم للتخلص منه مُوَفِّرين قطرات من مياه وجوههم ، ويرونها أثمن له للفرار :
لم نكن نترقب ولا نتمنى عودته ؛ وأسباب هواجسنا ومخاوفنا أننا رأينا سهاما كثيرة مُسمّمة تسميما تُوجّه إليه في مقاتله كلها ممن لا يرقبون فيه ولا في مؤمن إلّا ولا ذمة ، ونعتبر إن أخطأه هذا نهشه هذا !
ولقد رأى كل من شهد ( المحاكمة ) ولا أقول من قرأ أو سمع أيا كان مصدر ذانك ؛ فالتّدْليس والتحريف والتأويل والنقص والزيادة بالمرصاد لكل مُتجرّد ! لكن مَن حضرها يشهد أنّه شَرَّفَ مُناصريه في كل مراحلها : يوم وجّه القاضي تُهَمه ، ولما طرحت النيابة أسئلتها ، وحين أغروا سُفاء شهودهم وخُبثاء لفيفهم ، وكُلًّا وعد النظامُ الحسنى ، بما أغروهم به :
فكانت كل جلسة تُعلي سقف التحديات ويرتفع صوت المتحدِّي بقدر ما تنخفض مضطرة ومتزامنة أصوات كل هؤلاء ؛ ولم يبق من مراحل المحاكمة إلا استنطاق المشمولين الذي استهلّه المهندس ولد حدمين بضربات مُحكمة ثم بالأخذ بالنواصي وسيختمه بقيتهم بالأخذ بالأقدام ،
أما المرافعات فلو تُرِكت لأكثر الجمهور حيادا وجهلا بالقانون فسيكون كافيا لرمي الملف بعشرات آلاف صفحاته في سلة المهملات والقائمين عليه إلى مزبلة التاريخ !!