في عملية السجن المدني الأخيرة إتضحت صورة مخيفة حجبها ساسة البلد و عرًاها سجناؤه تلك الصورة التي أكدت فداحة ضعف تحصيناتنا و بطأ تأقلم وحداتنا مع الظروف الطارئة في العاصمة، وفي احد مربعاتها الأكثر تحصينا إذ كيف يفسر القادة أن اربعة أشخاص خائفين مذعورين تمكنوا من تحييد اربعة جنود والخروج سالمين من مسرح العملية ، لا تفسير يقبله العقل قُدم او سيقدم ، كما أن إدخال سلاح نوعي الى نزلاء السجن عمل يوحي بأن المشاركين في الترتيب للعملية من داخل السجن وخارجه وربما خونة غدروا و سماسرة شرف باعوا الضمير و خذلوا الرفاق ، ما يُعقد تحليل ابعاد العملية و سناريوهات وقوعها شح المعلومات المتوفرة و اقتصار البيانات على النتائج و هويات المنفذين ، ومع ذالك فالعملية حسب قراءتنا هيأت لها الظروف الداخلية المرتجلة والخارجية التنافسية اسباب نجاحها و فداحة خسائرنا منها و مخاوف الشعب و الجيران الشركاء من تبعاتها و انعكاسات تعاملنا معها على مستوى الشركاء و على مستوى الممولين و على ما نحن بصدد الدخول فيه من عملية سياسية محفوفة بالمخاطر إن تعمدت النخبة السياسية التلاعب بنتائجها كما نبأت به جهات سياسية حاضرة بقوة في المشهد قبل العملية- النكبة وخلالها .
ولكي نضع الصورة في إطارها نورد الملاحظات التالية :
-- المشهد الداخلي الذي تعصف به الاستعدادات للعملية السياسية و تنامي المجاهرة بضعف أداء النظام و شيوع العديد من الممارسات الخطيرة كتكميم الافواه و شراء الذمم و الاستخدام المفرط لمؤسسات الدولة ضد الخصوم و تضاؤل مؤشر الحياد وهو ما شجع الزبونية ونفخ روح القبيلة والجهوية على حساب الجمهورية و صمت الاطر السياسية مقابل نيل حصصها ، وعودة عتاة الفساد و التزوير و التبرير لمراكز حساسة من صناعة القرار و تسيير الشأن العام.
-- المشهد الخارجي : تسيطر عليه في الشمال حدة الخلاف بين الحزائر والمغرب و اندلاع حرب الصحراء وتذبذب تبادل المنافع و خاصة على المحور الشمالي الغربي ، اما على الحدود الشرقية فجمهورية مالي قررت الخروج من الطوق لفرانكفوني و اتخذت قيادتها قرارات جريئة في نظر المجددين ومتهورة في نظر المحافظين واستجلبت حليفا من اقصى الشرق و بدأت اعلان التغيير الشامل في الخطط وفي السياسات و حتى في فرض حلولها و تأجيج حروبها على الارهاب وعلى المتمردين ، وفي الجنوب وعلى ضفاف نهر صنهاجة ( السنغال) ظهرت مكنونات الغاز المسال و تمكن البلدان من احراز اتفاق -- نتمنى ان لا يكون هشا -- بين البلدين الجارين وقد تُسبب هذه الاكتشافات دخول لا عبين كبار دأبوا على الاستفادة من ثروات الامم بالسياسة او بالحرب .
وعبر المشهدين السالفين وفي خلفية الصورة تظهر من خلف الضباب نجمة داوود و على شواطئها شركات عالمية كبرى كشركة موانئ دبي .
مما سبق تتحد عناصر المختبر الذي أجريت فيه عملية السجن المركزي التي راح ضحيتها من جنودنا الاشاوس قتيلين تغمدهم الله برحمته و جريحين شفاهم الله بفضله ، إذا فالقراءة تحيلك الى خلط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب فيكون صراع الاشقاء في الشمال سببا في زهق ارواح مواطنينا و محاولة زحزحة النظام القائم عن مبدأ الحياد في القضية تلصحراوية وهي الوضعية التي تحاصر استقلالية القرار في الشمال و تضفي بمحاذيرها المتعددة على ناصية موقفنا المترنح بين الخوف من غدر الجيران و الطمع في ثروة بعضهم و التعاطف مع ألآخرين .
في هذ الجو المشحون تحدث رئيس الجمهورية عن علاقة البلد بقوة "فاغنر " كما تحدث عن سيطرتنا على الوضع ليأتي الرد مباشرة من قلب العاصمة وعبر عناصر تنظيم مسلح يحمل راية مواجهة العالم و يسعى لفرض رؤيته مهما كان الثمن فهل قرر الدب الروسي الجريح توجيه رسالة ليفتح بها طريقا سهلا في بحر المحيط ، أم ان التنظيم المجروح على الحدود يحاول تحرير بقعة آمنة ستكون ارضية للحوار الذي قد تدعو له الظروف حينما لا تكون الحلول المطروحة مقبولة ....؟
اسئلة تحتاج معلومات رسمية موثوقة كي يتمكن المتابع من محاولة الاجابة
منقول