على جدار صفحته النيرة كتب المفوه الأستاذ بشير بياده إلى الحالمين، النابشين عن بقايا فتات...للرمق الأخير:
على طاولة الظمأ الأخير يقيم الوزير السابق ول امين في مساءاته الفيسبوكية - منذ زمن ليس بالقصير - حفلات خيالية لسيناريو محاكمة الرئيس السابق وضخامة الملف 01 وكثرة ما به من أدلة وشهادات ..
يحتسي المسكين بداية كل ليل صخب الريح الجافة، ليحترق آخره دخان وهم ..
يغمز المحامي "المتنوّر" كعادته "واعْلَ لمْبيْطيحْ" من قناة القبيلة والعشيرة قائلا إنّ الأمر ليس أكبر من حجمه وأنّ الذين يخشون مخلفات أمنية للمحاكمة يعلمون جيدا أنّ قبائل وعائلات أشنع مرّت من هناك ..
وكان قد ذهب أبعد من ذلك من قبل حيث أنعش وصديقه المقيم في فرنسا "عبد الله خطري" على جدار صفحته البوار أماسيَّ زعما فيها أنهما يذكّران قرّاءهما، بأن ولد عبد العزيز سنغالي من أصل مغربي، لا صلة له بموريتانيا سوى علاقة قوية بمحمد ولد الغزواني، و يبشّران الموريتانيين بحقل غاز عظيم، اقتضت عدالة الله أن يجازيهم به بعدما صبروا على عزيز و ذويه و حاشيته، و سيكون للموريتانيين خالصا بعد طرد "البرانيين" . فبقدوم غزواني يقولان، جاء رجل جديد و قبيلة جديدة، خاصة و أن غزواني ليس "ول خيمة اكبيره" فقط و إنما ينتمي إلى قبيلة موريتانية يتمدد مريدوها شرقا و غربا عكس عزيز، الذي بطيِّ صفحته سيبدأ عهد قطيعة أبدية مع "البرانيين" و الأجانب الواردين … على حدّ تعبيريْهما !!!
هوِّنا عليكما أيها "المتنوّران" فلن ينتشلكما أحد من القاع !!
ويواصل المحامي رحلة أحلام يقظته في تلك الليالي متحدثا حديث العارف بخبايا الأمور، أن الرئيس السابق كان قد حاول تعديل الدستور عبر البرلمان، و نسق لذلك عن طريق أفراد عائلته، إلا أن الجيش كان قد سحب ثقته منه أشهرا قبل ذلك .. و يسخر من الرئيس الذي يصفه بالجبن حدّ الاختباء بين جمال الشارقة، و مطالبة البرلمانيين العزّل بقطع دابر الجنرال المتوثب للحكم آنذاك، متناسيا أن الأيادي المرتعشة لا تكتب التاريخ .. و يتعهد بنشر كل التفاصيل لاحقا ..
ويتجاهل المحامي "المنتشي" - لحاجة في نفسه - أنّ الرئيس عزيز لم يقل أبدا إنه ماض إلى مأمورية ثالثة، بل إنه أكد مرات و مرات عديدة أنه لا ينوي البقاء في السلطة .
صرح بذلك للصحافة الدولية و المحلية، بل و قال بالحرف غداة انتهاء الحوار الوطني في قصر المؤتمرات، إنه قاد ثلاثة انقلابات و أنه لا شيء يمنعه من مواصلة الحكم، لا الخوف و لا الحياء، غير أنه قرر ألا يتم تغيير الدستور لمصلحة شخص كائنا من كان، و أنه سيتنحى عن السلطة حال انقضاء مأموريتيه ليخدم بلده من موضع آخر، و بغض النظر عن موقفنا من الرجل، كان الانصاف يقتضي منا أن نُثمّن فعل حُر أنجز ما وعد ..
غير أن الإنصاف سيبقى من شيم الأشراف، و لعل ما غاب عن المحامي أن من قاد ثلاثة انقلابات، و قام بكنس سفارة اسرائيل في ظرف دولي أحوج ما يكون فيه للاعتراف بنظامه، غداة الانقلاب على المرحوم - بإذن الله - سيدي ول الشيخ عبد الله، و أن من قام بتسمية المطار الدولي على معركة جهادية هلك فيها حفيد رئيس فرنسي، و من أعاد كتابة تاريخ البلد لتنال المقاومة ضد المستعمر تكريمها اللائق بها، و أن من غيّر علم المستعمر لتحمل ألوانه لون الدم القاني تخليدا للشهداء، و أن من امتنع عن القتال إلى جانب القوات الفرنسية في معركتها التي حشدت لها كل دول المنطقة و فرضتها عليهم فرضا في مالي، ليقوم بقتال القاعدة و مطاردة الإرهابيين خارج الحدود، حين صارت معركة وطن! و أنّ من أمر مستشاريه بطرد السفير الأمريكي من مجلسه حين أحس بأنه خاطبه بما لا يليق بمخاطبة الرؤساء، و أن من لم تمنعه القذائف و حمم النار المتهاطلة على سماء ليبيا أيام قصف الناتو من الذهاب إليها كوسيط، كما لم يمنعه الوضع المتفجر و الأمن المفقود، من الذهاب إلى كيدال معقل القاعدة أيام الحرب على الإرهاب .... لا يمكن أن نصف أياديه بالمرتعشة، فكل شيء يمكن أن نصف به الرئيس عزيز، عدى الجبن أو الخوف !!!
و لإِنْ كان كل ذلك قد غاب عن ول امين، فإننا لم يغب عنا و لم ننسَ، أنه كان "غوبلز" عزيز أيام انقلابه على الشرعية، وكان المحامي المفوه الذي يدافع عن من يُسميه رئيس الجمهورية حينها، و يصفه اليوم بالجنرال الجبان، في حين أنه كان يومها جنرالا منقلبا، و رئيسا للجمهورية بعد ذاك، فيا لعبث الزمان !!!
تأبى الأيام إلا أنْ تكشف الوزير على حقيقته، مجرد "مُنتَجِعٍ" يسعى وراء منفعته الشخصية، لا يدين إلا لصرير أمعائه، خان رفاقه القدامى في "ضمير ومقاومة" عند أول محطة انتفاع ايّام عيّنه عزيز، و لنا في مساجلاته و رفيق دربه حنفي ول الدهاه، غداة انكشاف حسن مختار - خير دليل .
ويكمل اليوم عامه الرابع يعتلي نفس الموجة تملقا لساكن القصر الجديد، علّه يطفئ جوع وظيفة لازمته طيلة عشرية عزيز !! ويبدو أنها لا زالت تغالبه ويغالبها دون كلل كمن يطارد خيط دخان !!
ما علينا فالمهم أنه سواء جهّزت النيابة قاعاتها أو اختبرت ميكروفوناتها أم لا، فإنّ الرئيس السابق ينتظر؛ بل يطالب بتسريع هذه المحاكمة والشيء الأكيد أنّ لديه ما سيقوله وإنّ غدا لناظره قريب .
فاصبروا وصابروا وكابروا ...عزيز باق ويتمدد في حاضر هذا البلد ومستقبله - ما أراد ذلك - و مرحلة حكمه فصول كاملة نقشت وسُطرت في تاريخه يستحيل أن تمّحى أو تندثر .