بنشاب :كتبت الرائلعة و صاحبة القلم الذهبي عزيزة البرناوي:
""حين سمعنا خطاب ترشح فخامة الرئيس محمد ولد الغزواني فاتح مارس 2019 حملنا الأمل في غد أفضل على أجنحة الحلم بوطن مزدهر، يسوقه هذا الرجل إلى مراحل متقدمة من النمو و الإصلاح، فانتظمت الأغلبية في خلية عمل متماسكة من أجل إنجاحه كمشروع وطني أكثر بكثير من كونه سياسي، كانت فقرات ذلك الخطاب تعزف أحلامنا بمزامير التنويم المغناطيسي و تتخطف أبصارنا أشعة فجر التجديد والتغيير.. و لبذل جهود أكبر حدتنا طبول التعهدات إلى الاحتراق و إعادة الاشتعال كلما تسربت نسائم الخذلان من أحد منافذ الوعي و الرؤية المغمضة بشريط التضليل حينها.
ظل حجم خطوط الضوء يتضاعف كلما اتسعت تشققات الغيمة المتلبدة على عدسة الحقيقة.
فكانت ارهاصات البداية مع تسويق المتملقين لحصيلة "90 يوما من حكم ولد الغزواني"، حيث بدأ ازدحام الشعارات الملونة المركونة على أرصفة التمني يضجر عيون الشعب دون ظهور بوادر إنجاز.
ثم تتالت مؤشرات انحراف قطار المشروع السوسيو_سياسي الأكثر شعبية منذ ميلاد الدولة عن مسار التعهدات الموعودة، وذلك لما بدأت طوافات تكميم الأفواه و تسييج الحريات تجوب سماء السنة الأولى من المأمورية، مما بعث غربان التخوف و الخشية من كهوف النسيان و التجاوز حتى صارت قلوب الرجال تضرب مساحات التفكير في أدمغتهم فتنطق السنتهم _خوفا وطمعا_ بعكس ماتملي أفئدتهم، وطبعا للحياة إكراهات تركع البعض قسرا.
أقال فخامة الرئيس بعد ذلك حكومته الأولى التي قدمت لنا إعلاميا على أنها بشائر غيث و طلائع نصر و إشراقات فتوحات عظيمة، لينقلب الممجدون لها ساخطين عليها و مغاضبين لوزرائها و ذلك فور الإعلان عن إقالتها، ليغير القوم ما بصفحاتهم الافتراضية حين علموا أن فخامة الرئيس أعاد الثقة في أغلب أعضاء الحكومة المقالة، و هي نتيجة حتمية فالقدر يأبى تغيير ما بهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من تملق.
بعدها أصاب الروتين استراتيجيات النظام و خططه البديلة ففقدت رونق التشويق و ذهب النور الزائف الذي كان يجذبنا إلى تصديق شعارات الألوان التي كانوا يبيعوننا من حين لآخر، و كما تعرفون أصبحت الأزمات هي واقعنا المعاش و الإخفاقات حصيلتهم المكتسبة و كلما ضاق الخناق على النظام و احتقن الشارع خرجت شائعات غضب الرئيس على حكومته تليها إقالة للحكومة تعود بعدها نفس الوجوه ولكن تشكيلة جديدة يكون فيها اللسان مكان الأنف و الذراع بموضع الأذن و العين في القذال و الأنف في مكان سحيق يلبس كمامته!
لكن قليل من رأى في تلك الغرابة انعكاسا للدهشة وترددا للإبداع ونادرٌ من ذاب في تناسقها وتجلت له كبصمات فنان مبهر!
من تلك النقطة تحولت جموع الإجماع السياسي الوطني إلى جماهير شعبية غاضبة تتحين الفرص القليلة التي ينزل فيها فخامة الرئيس على سطح كوكبها لتسمعه أصواتها أملا في أن يتدارك مقود القطار و يعيده إلى سكة المسار الذي تعهد به أول يوم خاطب فيه الشعب أو يترجل عن قمرة قيادة البلد و يترك للشعب فرصة الاختيار من جديد.