بنشاب : في دولة نفوذ الأصهار و دفع الإتاوات مقابل المؤخرات، تُختزل الحصيلة في فهارس تعهدات أتت بغتة كالغفوة محملة برذاذ أحلام عذبة بلا مقدمات و لا خواتيم، إذ أسقيتموها باهظة التكفلة دون إنجازات!
حيث تقمعون و تنتزع منكم مجابات أرضكم القاحلة التي اتخذتم منها وأجدادكم مقالع لأقواتكم عبر الزراعة و التنقيب أو حتى حراسة سرابها عن غربان الميثولوجيا و غزاة الخيال و تحريرها من وهم أو حقيقة الاستعمار..
إن ما ترونه من ثروات معدنية و نفطية هو ترجمة الطبيعة لعرق مجهودكم العظيم الذي جسده تعلقكم العقيم بأوصال هذا الوطن المنكوب منذ الانفجار العظيم، فالأرض شققتها شقوتكم و سوء طالعكم فلفظت في وجوهكم الحزينة ذهبها و ماسها و نفائس مكنونات جوفها.
لكن بالتزامن مع ذلك أرسل الله عليكم من لا يخافونه و لا يرحمونكم، فتقمصوا شخصيات الحراس بأسلحتهم الفتاكة، و أخذوا ينتزعون من بين أيديكم و من خلف ظهوركم كل ما جادت به الأرض على من سقوها دماءهم و أغرقوها بعرقهم .. حتى وصل بهم الأخذ درجة مصادرة الأرض الجرداء بجبالها و وديانها و هضابها..
فلم يتركوا لكم غير أبواب النزوح … وقد تجدون في التشرد منأى للمظلوم عن سياط الظالم أو إن استطعتم فاخرقوا الأرض أو اتخذوا من السماء مأوى !
أما الحديث بغرابة ودهشة عن كنوز أرضكم فهو لعق جرح عميق خمج لن يزيدكم إلا وجعا، و أنتم تدركون جيدا حقيقة ثراء بلدكم، فمراسي العالم تغص بكنوزكم البحرية بينما يلتصق جلد أطفالكم على عظامهم السردينية و مخازن الدول الأجنبية تتلألأ بشموس معادنكم و ذهبكم بينما تتكسر شفاهكم عطشا في قلب عاصمة وطنكم و تقضون أغلب لياليكم في سواد الظلام الكالح.
تعرفون كذلك مصيرا آخر لكنوز أرضكم فأبناء أسيادكم يمتطون فتات تلك الكنوز على صيغة أسطول مختلف ألوانه لكل منهم، كالسنابل في كل بيت لهم مئات الملايين و عشرات المليارات بينما تبيعونهم شرف بناتكم و كرامة أقلامكم و قدسية أرواحكم التي تزهقونها في معاملهم ومصانعهم وتنظيف بيوتهم فداءً لاستمرار رفاهيتهم … وهم الأعلون وأنتم لهم نعال!
أيها المواطنون المستعبدون إن ما تبذلونه من عناء و جهد بائس في انتظار فك الحصار عنكم لن تبرحوا فيه أماكنكم المنحدرة لأن الجدار المحيط بكم كله وهم و قيودكم ذاتية و بأناملكم نحتم أصنامكم فلا ثالث لخيارين أمامكم إما أن تهبوا تكسروا الأصنام يخلو لكم وجه الوطن و تقبلكم الحياة في ساحة حرية تحت شمس مستقبل مشرق..أو أن تستمروا في مجاعتكم و حرمانكم كلما وضعتم أصابعكم على غطاء كنز من كنوزكم ضربوكم على المؤخرات و طردوكم كالذباب و أشهروا مخالبهم دون خدوش أظافركم التي اقتلعتم بها رزقكم من بطن الأرض..
لتستمروا في الاكتفاء بقشور الموز التي ترمى في حظائركم الموبوءة و تواصلوا النفخ في ميكروفونات التلفزيون والإذاعة وأنتم تؤخذون من آذانكم كالأطفال المذنبين وترغمون على شكر فخامة الرئيس و حكومته على ما أولوكم من تفقير ونهب وتبديد لثرواتكم .. تشكرونهم على توريثهم لأولادهم المناصب و التوظيف وتهميش أولادكم وسجنهم بسبب آرائهم..
تستمرون في أخذ أكياس الأعلاف الزهيدة و الاحتفال ببطاقات التأمين الصحي في مستشفيات بلا صيدليات و أجهزة متعطلة وسيارات اسعاف بلا وقود.. ترقصون بأعناق مشرئبة وأنتم تبيعون ضمائركم سفاحا مقابل دعوات عشاء و مصالح مادية رذيلة لاتغني عن تأنييب ضمير و لا تسمن من عار تنكر و لا ذل خيانة..!
و تستمر آلة التاريخ في التقاط صور خونة الأوطان و تجار الضمائر و باعة الوهم.