بنشاب: أثبتت المعايير ، غير المهنية ، التي على أساسها شكلت الحكومة الجديدة الحقائق المرة التالية :
أولا :حقيقة تغليب معيار التوازن القبلي وكسب ود الزعامات القبلية على حساب معيار التخصص والكفاءة وحسن الأداء .. ولنا أن نأخذ (وزارة الزراعة كنموذج صارخ) ، حيث تم إعفاء المهندس والخبير الزراعي سيدنا أحمد أعلي ، رغم بلائه الحسن خلال فترته الوجيزة على رأس وزارة الزراعة ، كي يخلي مقعده القبلي لصالح رجل ينتمي لنفس القبيلة يحيى ولد الوقف !!. و تعيين إطار لا علاقة لتخصصه بالزراعة مطلقا خلفا له ، رغم حساسية الظرف الدولي و شبح المجاعة الذي بات يخيم على العالم بأسره بسبب حرب أوكرانيا ما سيشكل ، حتما ، ضربة موجعة لحلم تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي الذي كانت البلاد أقرب إلى تحقيقه أكثر من أي وقت مضى !!.
ثانيا : أكد تشكيل الحكومة الجديدة وطريقة المحاصصة القبلية التي جاءت على حساب سياسة التمييز الايجابي للفئات المهمشة والمقصية التي تعهد الرئيس بإنتهاجها خلال خطاب وأدان الذي سمي ب"خطاب الإنصاف" والذي ظن الجميع أنه سيشكل منعطفا تاريخيا في طريقة تعاطي الدولة مع تزايد النفوذ القبلي والمشيخات على حساب الطبقات الهشة...لقد أكد منطوق تشكيل الحكومة الجديدة أن "خطاب وأدان " لم يكن في الواقع سوى جعجعة بلا طحين ، بل مجرد خطاب إنشائي فارغ المحتوى و يبدو أنه لم يكن له من هدف ، لحظة إلقائه ، سوى تهدئة غضب مكونة هامة من الشعب الموريتاني إنتهكت كرامتها عقب حادثتي إساءة الشيخين عليها و واقعة خطف وتعذيب ولد أحميدات من طرف مشيخة أهل الشيخ سيديا التي أمعنت ، يومها ، في تحدي سلطة الدولة واظهار مدى ضعفها وضعف أجهزتها الأمنية ومنظومتها القضائية ليأتي ذلك الخطاب في ذلك التوقيت كمحاولة من الرئيس لتهدئة الخواطر و ترميم صورة الدولة الوطنية التي أهتزت الثقة فيها كثيرا عقب الحادثتين وكأنه إنما كان يريد الايحاء للجميع بأن الدولة لاتزال قوية وقادرة على حماية جميع أبنائها والذود عن حياض أهم عناصر سيادتها في وجه تغول قبلي مشيخي متنامي بعد أن اقتات هذا الثنائي على مقدرات الدولة و وسائلها حتى بات قادرا على تحدي الدولة نفسها والوقوف في وجهها .
ثالثا : عكس التعديل الوزاري الجديد أيضا حقيقة أن الرئيس قد تخلى عن مقاربة محاربة الفساد وبات مستعدا لفتح صفحة جديدة مع أصحاب السوابق وغض الطرف عن المفسدين من حكومة وزيره الأول الجديد القديم بعد تمكنه من حصر الفساد في شخص الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز . ويبدو أن الرئيس قد أدرك أيضا تراجع الأمل في تحقيق إنجازات مقنعة على أرض الواقع تقنع الناخب الموريتاني وتزيد من شعبيته لبلوغ مأموريته الثانية . ولله الأمر من قبل ومن بعد .
22/وصلى الله وسلم على نبي المستضعفين/20