بنشاب: ومضى المفسدون و المنافقون في حفلاتهم يعمهون، بجانبهم على أرصفة خيامهم فقراء الشعب، يفصل بينهم برزخ، له باب باطنه به ذرى التبذير وظاهره من قبله البؤس والعذاب، ومع ذلك على بعضهما يبغيان: بانتهاك حرمات مقابر الجوعى، من قبل النافذين عبر غطرسة دراهمهم، و بطمع بعض المجلوبين في حصة من جنة أسيادهم الماديين و غزاتهم السياسيين.. فبغى القوم على القوم، والوطن من ورائهم برزخ هارب إلى يوم يبعثون…
خاب الظن فيك كثيرا يا ولد الغزواني، بعد أن حدثتنا عن تربيتك و عن أخلاقك التي من الله عليك بها، و بعد أن حدثنا بعض سدنة بلاط قصرك، عن قيامك الليل و حفظك و تجويدك للقرآن، و عن تربيتك الدينية و الصوفية.. خاب الظن فيكم كثيرا، حين تأكد الجميع من معرفتك بحقائق الواقع، وما يعيشه المواطنون من غبن وجوع وتهميش وعطش وخذلان، وقد أكدت لنا ذلك في خطاباتك، كما أكدت لنا اطلاعك على ما يمارس من فساد و اعترافك بممارسة تصفية حسابات ضد البعض.
وتعرف جيدا أنه رجل واحد مستهدف اليوم: هو رفيق دربك الذي أجلسك على كرسي الحكم، فأودعته السجن، الرجل الذي تدشن اليوم مشاريع عشريته وإنجازات حكمه، وتحب أن يشكرك المنافقون على ما لم تنجز، ويضيف إليك المتزلفون جهود غيرك، ويحمدك الكاذبون على ما لم تفعل…
خاب ظننا بفعل ما تقدم، و لكن كانت خيبتنا أكبر بسبب معرفتنا أنك اتبعت أهواء المفسدين، ولوبيات النفاق و أنت تعلم فسادهم، وترى حقدهم على الرئيس السابق، وتدرك ما يبطنون من سوء للشعب الذي انتخبك، و مع ذلك سايرتهم، و عينتهم، و وفرت لهم الحماية من المحاسبة، وضحيت بأخ لك لم يسرق من قبل، وتركتهم يدعون ضياع صواعك و أنت تكيل لهم به يمنة ويسرة، و كانت أثناء كل ذلك _إن صح حفظك للقرآن_ تتردد في صدرك آيات يدار حكمك بعكس ما تأمر:
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿١٢٠ البقرة﴾
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿١٤٥ البقرة﴾
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188 آل عمران)
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ {38 الرعد}
صدق الله العظيم