بنشاب: عزيزي القارئ، ربما أدهشتك قدرة الكنتي وحبيب الله الكبيرة على افتعال السيناريوهات المفبركة، وربما حتى أقنعوك بأن الزعيم مسعود مختطف بالفعل، يبدو أنهما ماهران جدا.
ولكل واحد من الإثنين طبعا رأيه، وطريقته في التفكير.
لكن المؤكد أنك، عزيزي القارئ، لم تفهم كيف استطاعا بهذا المستوى من الجرأة التحدث عن الزعيم مسعود، وكيف سمحت لهما نفسيهما أن يخلطا الأوراق عليك.
لقد ناقضا نفسيهما بنفسيهما، كيف لهما أن يزكيا مسعود بما هو أهل له وينقضون عليه مواقفه التي اتخذها ضد نظام الغزواني، ما هذا التناقض؟
الحقيقة التي لا غبار عليها، هي أن سبب فتح الإخوان قنواتهم ومؤسساتهم الإعلامية للرئيس مسعود، هو الرئيس الغزواني نفسه، أن السبب في جلوس الزعيم مسعود جنبا إلى جنب مع نائب رئيس تواصل، هو تصرفات نظام الطيش الذي يبدو أنه سيزيد طيشا لو واصل الاستماع إلى الكنتي وحبيب الله احمد. فالأول خبير بالهروب، والثاني خبير بخلق جو من الانسداد، هو ما يعرفه الوطن اليوم.
بالتالي فالاثنين من يستمع لهما سيزيد غباء، لا لغبائهما، معاذ الله، بل لقدرتهما على الوقوف في وجه الحق بباطل القول والفعل، رغم أن حبيب الله يمتاز عن الكنتي ببعض الاستقلالية التي لا ترقى إلى مستوى الوقوف في وجه الجهة طبعا، لكنها على الأقل تقف في وجه بعض الانحرافات هنا وهناك. أما الكنتي، ورغم ثقافته ومستواه العلمي، إلا أنه متجاسر دائما، ولا يعرف التوقيت المناسب لتجاسره.
أعتقد أنه يقع، تجاه الزعيم مسعود، في نفس الخطأ الذي وقع فيه ذات مرة، تجاه الراحلة جميلة محمد الهادي، وهو وقتئذ يريد أن يظهر للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز “ولي نعمته” آنذاك، أن “ينتشلون” كلمة ساقطة ولا قيمة لغوية لها، ولا تجوز في حضرة الرئيس، بينما يعرف الرئيس أنه يكذب، وأن ما يقوله مجرد مراء، وكان ما كان من تجاسره على الفقيدة رحمة الله عليها.
العجيب الغريب، أن تكون فلسفة حبيب الله أحمد، وإسقاطات الكنتي متجانسة بهذا القدر، فالأول جهوي حتى النخاع، والثاني لا يؤمن سوى بدراهم تمطر بها سماء سرت.
فكيف لكليهما وهما يعرفان نفسيهما جيدا، أن يدنسا تاريخ ومجد ووطنية مسعود، ويحسبا، أنه لقمة سائغة لهما؟
لماذا يجران نفسيهما إلى هذا المستوى، المضحك، المبكي، ويجعلا من نفسيهما مهزلة أمام الجميع، من سيصدق ما يقولون؟ ومن سيسير معهما فيما هما إليه سائرون، وهم يجرفون بكل وقاحة القيم، والأخلاق، والإنصاف والاحترام والتقدير.
كيف أمكنهما أن يجعلا من مسعود الوالد، مسعود الرمز، مسعود الزعيم، مسعود القائد، مسعود الذي غادر البرلمان وهو يرفض أن يمرغ هيبة الدولة الموريتانية في التراب أمام فرنسا، أم نسيا.
الزعيم مسعود الذي جابه الأفاكين، ووقف في وجه مروجي الفتن، الزعيم مسعود الذي اختار الوطن على كل شيء، ووقف في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمنه واستقراره وسكينته.
هما بالذات لا يحق لهما أن يتكلما بهذا الأسلوب عن الزعيم مسعود، لا يحق لهما أن يصفا مسعود بالمختطف، فلعلهما نسيا أنهما هما المختطفان، وأن اختطافهما مضى عليه عهد طويل، وأن أسبابه لم تعرف بعد.
أما مسعود فمعاذ الله أن يكون سرتيا هاربا ومعاذ الله أن يكون ممرضا فاشلا يكتب ويتكلم أكثر مما يعمل.
وإن عادا عدنا وجعلنا مداد أقلامنا لهما نَهَرَا مغرقا.
والسلام على سرت الطاهرة، وألف سلام على كل ممرض يسهر الليالي حنينا ورحمة بالمرضى، لا حنينا شفقة على رئيس في مأزق بسبب نظامه الفاشل.
المختطف حقيقة هو الغزواني، مختطف من قبل قلة ممن مردوا على النفاق وآذوا شعبا بحاله، فلا هناء ولا راحة بال، فقط أسعار مرتفعة، وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية متفاقمة، ليس في ردودهما لها حل.
فليتسليا قليلا مع أحمد مطر:
أنا لست أهجو الحاكمين؛ وإنما
أهجو بذكر الحاكمين هجائي
أمن التأدب أن أقول لقاتلي
عذراً إذا جرحت يديك دمائي؟
أأقول للكلب العقور تأدباً
دغدغ بنابك يا أخي أشلائي؟
أأقول للقواد يا صديق؛ أو
أدعو البغيّ بمريم العذراء؟
أأقول للمأبون حين ركوعه
حرماً؛ وأمسح ظهره بثنائي
أأقول للص الذي يسطو على
كينونتي : شكراً على إلغائي؟
الحاكمون هم الكلاب؛ مع اعتذاري
فالكلاب حفيظة لوفاء
وهم اللصوص القاتلون العاهرون
وكلهم عبد بلا استثناء
إن لم يكونوا ظالمين فمن ترى
ملأ البلاد برهبة وشقاء
إن لم يكونوا خائنين فكيف
مازالت فلسطين لدى الأعداء
عشرون عاماً والبلاد رهينة
للمخبرين وحضرة الخبراء
عشرون عاماً والشعوب تفيق من
غفواتها لتصاب بالإغماء
عشرون عاماً والمواطن ماله
شغل سوى التصفيق للزعماء
عشرون عاماً والمفكر إن حكى
وهبت له طاقية الإخفاء
عشرون عاماً والسجون مدارس
منهاجها التنكيل بالسجناء
عشرون عاماً والقضاء منزه
إلا من الأغراض والأهواء
فالدين معتقل بتهمة كونه
متطرفاً يدعوا إلى الضراء
والله في كل البلاد مطارد
لضلوعه بإثارة الغوغاء
عشرون عاماً والنظام هو النظام
مع اختلاف اللون والأسماء
تمضي به وتعيده دبابة
تستبدل العملاء بالعملاء
سرقوا حليب صغارنا؛ من أجل من
كي يستعيدوا موطن الإسراء؟
هتكوا حياء نسائنا؛ من أجل من
كي يستعيدوا موطن الإسراء؟
خنقوا بحرياتهم أنفاسنا
كي يستعيدوا موطن الإسراء؟
وصلوا بوحدتهم إلى تجزيئنا
كي يستعيدوا موطن الإسراء؟