بنشاب: في مقابلته مع مجلة جون آفريك أكد الرئيس "الرمز" "أن فصل السلطات لا يسمح له بالحديث في ملف التحقيق مع الرئيس السابق وأضاف أنه ليس قاضيا ليقول إِنْ كان مذنبا أم لا"
وفي لقاء سابق مسجل ووحيد مع الصحافة الوطنية يقول "الرمز" :"أعطينا تعليمات لمحكمة الحسابات أنْ تنشر تقاريرها؛ وفيما يخص محاسبة المتورطين؛ عندما دققنا النظر في تلك التقارير أتذكر أنّ مبلغا أو إثنيْن كانا هائلين؛ وأنّ نص التقرير يُفهمُ منه أنه غير دقيق !"
وبوصفنا أمة يُراد لها أنْ تُقدّس "الرمز" فله علينا أنْ نصدّقه في كل ما يقول؛ حين يقرر التكرم علينا بحديثه النادر فكلماته ليست كالكلمات؛ ولنا عليه ألا يتناقض لئلّا يكون للناس حجة على "الرمز" بعد قانون الحماية!
كان بودّنا أنْ نصدقكم كرمز؛ لكن كيف يمنعكم فصل السلطات من مجرد الحديث في ملف التحقيق مع الرئيس السابق في ذات الوقت الذي يسمح لكم بإصدار التعليمات لمحكمة الحسابات بنشر تقاريرها؟! ثم تتجاوزون ذلك بالتدقيق في هذه التقارير؛ للحكم عليها بأنها لم تكُ دقيقة ولا تستدعي محاسبة المتورطين؟!!!
كان بودّنا أنْ نصدّقكم كرمز؛ لكن كيف تفسرون لنا فصول مسرحية التحقيق في ملفات العشرية؛ التي تم فيها استثناء الوزراء والأمناء العامين والمحاسبين والمديرين.. لتطال رئيسا من المفترض أنه الوحيد الذي كان ينبغي أن يظل في منأى عنها بحكم وظيفته التي لا علاقة لها بالتسيير أولًا؛ و بمقتضى الحصانة الدستورية التي يتمتع بها ثانيا؟!
كان بودّنا أنْ نصدقكم كرمز؛ لو لا أن صدى صوتكم لا زال يتردد في آذاننا؛ وأنتم تغالبون البكاء في يوم مشهود للإدلاء بشهادة وصفتموها بأنها شهادة للتاريخ في حق زميلكم و رفيق دربكم !
كان بودّنا أنْ نصدقكم لو لا أنكم كنتم من بين الفاعلين السياسيين الذين أرادوا خرق الدستور بالأمس القريب للتمديد للرجل الذي تدعون محاكمته اليوم على فساد العشرية ، ليتم إيداعه السجن وحيدا من بين كل المشمولين في الملف؛ وحده دون غيره من منظومة متكاملة؛ لا مندوحة من اعتبارها الأداة التي نفّذت "الجريمة المفترضة" !
كان بودّنا أنْ نصدقكم كرمز؛ لو لا تسخير أجهزة الدولة ومخابراتها ، وتسليط أدعياء الصحافة وإعلام الحواضر ، وكتائب المتملقين والمطبلين والمنْتَقِمين ، لشيطنة الرئيس السابق بالأكاذيب والإشاعات؛ والتضييق عليه بحظر الأحزاب التي زارها ومصادرة وإغلاق مقرات أخرى انضم إليها؛ وتعقبه ومضايقته بالسيارات المجهولة التي تلاحقه؛ والدفع بعشرات الآليات ومئات الأفراد من القوات الأمنية لملاحقته والتنكيل بمرافقيه ومناصريه من النساء والشيوخ والأطفال.
كان بودّنا أنْ نصدقكم كرمز؛ لو لا أنّ ملف تحقيق اللجنة البرلمانية رمته النيابة وراء ظهرها واستحدثت ملفا جديدا بموجبه اتهمت الرئيس السابق وزجتْ به في سجن تمّ استحداثه هو الآخر في ذات اليوم الذي سيتم فيه إيداع الرئيس؛ وقبل أنْ يتم نشر المقرر في الجريدة الرسمية حسب هيئة الدفاع؛ التي لم تتمكن من الحصول على ملف الاتهام في مفارقة عجيبة!
كان بودّنا أنْ نصدقكم كرمز؛ فلا أحد ينكر وجود الفساد؛ والكل يعلم ألا مجال للنماء والتقدم إلا بالقضاء عليه؛ ولا شك أنّ الفساد مستشرٍ في هذا البلد منذ الأزل؛ لكن أليس لنا الحق أنْ نتساءل وبصوت عال؛ متى كانت هنالك إرادة للتصدي لهذا الفساد، بسنِّ ترسانة قانونية لمحاسبة المفسدين؛ واسترجاع مسروقاتهم قبل عشرية "الفساد" ؟؟ ومتى كانت بيانات اجتماعات مجلس الوزراء تتضمن تجريد المسؤولين من وظائفهم بسبب الفساد قبل عشرية "النهب" ؟؟
كلنا مع محاربة الفساد والتصدي له ، وتفعيل آليات الرقابة وتشديد المحاسبة ، لكن من أجل إحقاق الحق وحده ، لا أن تكون استهدافا سياسيا ممنهجا لتصفية الخصوم .
فهل كان قائد العشرية إلا رجلا استلم ركام وطن فبنى وشيّد ومضى إلى سبيله..
فأين الرمز ؟!
أعيد و أكرر: تبقى القيادة فنّ وذوق و موهبة..
إنها مزيج من النظر الثاقب والإرادة القوية والكاريزما الفطرية؛ وليست أبدا عباءة تخاط ولا قوانين تُسنّ لحماية الرموز !
الرمز حبيس سجونكم سيادة الرئيس!
Bechir Bayade