ليس من عادتي التعليق على الأشخاص، لكن عندما يكون المرء يشغل منصبا عاما، ويتهم الآخرين دون دليل، تزلفا للنظام، عندها يكون السكوت جريمة وعدم الرد محاباة غير مقبولة، لذلك أرتأيت أن من واجبي الرد على مغالطات رئيس منطقة انواذيبو الحرة السيد محمد عالي ولد سيدي محمد التى ذكرها في إطلالته التلفزيونية على قناة الموريتانية.
أعتبر ولد سيدي محمد أن الارادة السياسية لم تكن حاضرة ، وهو ما جعل المنطقة تفشل في أداء مهتمتها ، وفي نفس الوقت اعترف أن فكرة إقامة المؤسسة كان ينبغي أن تعتمد في العام 1994، وهذا هو وجه التناقض الأول في كلامه ، فكيف تكون الارادة السياسية غير موجودة ، ويتم في نفس الوقت إنشاء المؤسسة التى كانت غائبة ، كان بإمكان السلطة أن تتجاهل المشروع كما فعلت سابقاتها ، لكنها لم تفعل إيمانا بها بضرورة تنويع الاقتصاد .
تحدث السيد محمد عالي عن تلاعب كبير حصل في المؤسسة يقف خلفه مقربون من الرمز القائد محمد ولد عبد العزيز - طبعا لم يسميه بالاسم - وقدم أمثلة متهافتة ، وعندما أدرك أنها غير مقنعة اختار مخرجا آخر ، وهو أن الموضوع بيد القضاء لذلك يتحرج من الحديث عنه ، وهذا تناقض آخر ، فلماذا يتحدث عن موضوع بين يدي القضاء ثم في نفس الوقت يشير إلى أنه لا يمكنه الحديث عنه .
قال السيد ولد سيدي محمد إن إنشاء ميناء في المياه العميقة هو القاطرة لنجاح المؤسسة الفاشلة اليوم ، وفي نفس الوقت قدم أرقاما تفيد بتضاعف مداخيل الموانئ والجمارك والضرائب التابعة للمنطقة الحرة ، في الفترة من 2013 حتى 2020 ، وهنا نسأله ، هل هذه الفترة كانت من عشرية الأنوار ، أم أن الرئيس الحالي هو من كان يقود البلاد من 2013 وحتى منتصف 2019 حينما سجلت هذه الزيادات ؟ ، وهل كانت الارادة السياسية حاضرة عندما سجل هذا التقدم في المداخيل ؟
تناقضات كثيرة في كلام معالي الوزير كان بإمكانه تفاديها والاقتداء بمواقف الوزير سيدي ولد سالم الذي رفض بكبرياء الدخول في نادي المتملقين ، المتلونين ، الذين تتناقض مواقفهم في ساعات ، طمعا في السلطة يدورون حيث دارت .
نذكر السيد محمد عالي أن ذاكرة الموريتانيين قوية ، لذلك ما زالوا محتفظين بتصريحه الشهير عندما كان يتولى إدارة شركة الكهرباء، والذي حمل فيه عشرية الأنوار ما تعانيه الشركة من اختلالات وقال بالحرف ( عهد الانقطاعات الكهربائية ولى ) وبعد ذلك بساعات عاشت العاصمة ظلاما دامسا ، واختفى هو ، ولم يظهر بعدها في الاعلام حتى غادر المؤسسة .
وفي الأخير ، أذكر السيد محمد عالي أنه هو أول من يتولى إدارة سلطة المنطقة الحرة وهو في نفس الوقت ينتمي لهذا الحيز الجغرافي ، وعندما وصل للمكان ، وبدلا من الاهتمام برفع مستوى المؤسسة حتى ينعكس ذلك على سكان المنطقة ، انشغل في الصراعات الداخلية التى كان آخرها مشكلة ملعب انواذيبو ، وهروبا من الفشل الذي يلاحقه أينما حل ، وجد أن أفضل طريق للتخلص من هذا الارث الاداري الثقيل ، هو الخروج بين الفينة والأخرى عبر وسائل الاعلام ، وتحميل العشرية كل الاخفاقات ، وهو دأب كثيرين ، لكن تلك الحيل لا تنطلى على المواطن، وسيحاسبكم عليها، وسيحاسبكم التاريخ كذلك .