بادئ ذي بدء لست من انصار النظام الغزواني الاستبدادي ولست من اتباع دعوات التغيير باسم الديمقراطية عند السفهاء ولكننا هنا نعمل على تفكيك بعضا من المعادلة وفق قراءة تحليلية لمسارات الاحداث واتمنى من القارئ الكريم ان يتفضل علينا بشيء من الصبر على الاطالة لاننا نحتاج الى وضع البعض في صورة مايحدث عبر سرد تاريخي يسلط الاضواء على خلفيات الاحداث وتسلسلها الزماني.
ففي البدء كان مجيء ولد الغزواني يمثل امتدادًا فكريا وسياسيا لولد عبد العزيز مما جعل المعارضة بجميع اطيافها لم تتخذ الحذر فقد أعماها الحقد الدفين وهرولت متأهبة لاقتسام الإرث العزيزي خصوصا بعدما جرها ولد الغزواني عبر مجموعة من الألاعيب فوجدت فيه حليفا منطقيا في لعبة الصراع والتنافس على السلطة ،وعندما بدأ في تشويه صورة ولد عبد العزيز عبر مجموعة من الاتهامات الفارغة والاستدعاءات ، ساعدته المعارضة بحملتها الطويلة ضد الرجل .. كان ولد الغزواني وقتها يلعب لعبة خبيثة داخل لعبة اخبث .. فالرجل الذي ظل طوال فترة ولد عبد العزيز وفيا وصامتا لم يعقه ذلك عن ما يريد أن يفعل بما كان يُفكر به منذ البدء ..فقد نجح الرجل في أن تضع المعارضة حرب أوزارها جنبا وان تقف معه على صف واحد وتشكيل نظام جديد يضع موريتانيا على المحك ويحارب ولد عبد العزيز وهكذا وجدت المعارضة نفسها في قلب الاحداث فكان اللقاء التاريخي بينها وبين ولد الغزواني حلقة وصل ونقطة عبور ولو إلى حين و الخوف من ولد عبد العزيز من تمدده الى المياه الدافئة ومايرافقها من خشية فضحه لولد الغزواني فقد ازدادت اهمية التحقيق ولجنته المكلفة باصدار التهم المعلبة والجاهزة والتي قد يكون من ضمنها أن ولد عبد العزيز زعيما للالحاد العالمي ولم يغب عن احد كيف كان ولد الغزواني حريصا على دور المعارضة في التحقيق باعتبارها تحمل أحقادا بحجم الارض على الرئيس الذاهب .. وتبعا لهذه الاجواء المعقدة وعلى هامش هذا الصراع كان الاخوان يدعمون ولد الغزواني بل انهم فبركوا قضية التيدره لينفضحوا لاحقا.. فتح لهم النظام أياديه واستفادوا منه في معركتهم ضد ولد عبد العزيز بالضبط كما استفادت بقية المعارضة .
ولكي تكتمل الفكرة وجد ولد الغزواني نفسه مرغما على التحالف مع ولد بوعماتو لتحقيق ذات الاهداف في التصدي لولد عبد العزيز ،فكان ولد بوعماتو يمثل عمليا مركز الثقل على ولد عبد العزيز وكان إعلامه يخوض معركة ضاربة وحملات شرسة ضد الرجل ومن اجل فهم طبيعة اللعبة يكفي ان أشير الآن فقط انه تم الكشف عنها في كثير من الاحداث المفضوحة .
في أزمنة الانكسار وحدها وفي ظل غياب أحد عناصر المشروع الحضاري كان الشرخ قائما بين ولد الغزواني وولد بوعماتو و الاخوان وبين النخبة والقوام الاجتماعي وبين هذا الثلاثي والمجتمع . ظهر ذلك جليا في هذه اللحظات التاريخية وليس من قبيل التفسير التآمري على ولد عبد العزيز أن يكون أحد الاطراف تابع للآخر ولذلك تناقضت مصالح هذه العناصر مجتمعة مع جوهر المشروع الموريتاني والهوية الوطنية لانهم كانوا مؤامرة وحربهم على ولد عبد العزيز وهما من الأوهام ولم يكن هناك مشروع ولو واحد يجمعهم على بناء الوطن بل كانت هناك عورات داخلية فادحة الثمن !
والبحث عن الجذور لا يعني البحث عن الماضي ، وانما عن الجذور التي حولت هذا التحالف إلى مفترق طرق .. فالذي يعنينا هنا هو الحاضر بتشكيلاته المعقدة وليس فقط بمشكلاته الأكثر تعقيدا.
وتأسيسا على هذا يمكن القول ان ولد الغزواني في حربه مع الاخوان وولد بوعماتو ضد ولد عبد العزيز خسر هذه الاطراف المتحالفة معه نظريا فهو لم يستطع أن يدين ولد عبد العزيز ولم يستطع جره الى السجن فقد كان مجمل مافعله في رحلة اللا مبالاة التحقيقية هو عبارة عن استدعاءات وإزعاجات للرئيس السابق من طرف الشرطة لعله اراد بذلك أن يعطي حقنة للمعارضة في كل مرة عندما يحس بأن وتيرتها تصاعدت ومن الملاحظ ان سياسة ولد الغزواني تفتقر الى الفهم الاستراتيجي فهو يعمل وفق منهج تجنب المخاطر الآنية على حساب المخاطر البعيدة ،فقد ارتكب الخطيئة الكبرى في التعامل مع ولد عبد العزيز عندما استدعته الشرطة إلا اذا كان هو نفسه من صف ولد عبد العزيز ويريد أن يبرهن للمعارضة أن كل ما تقوله وتتهم به الرجل مجرد اكاذيب خاصة انه وفر لهم الشرطة والبحث الواسع ولم يجدوا شيئا ويريد أن يوهم البعض بأن هذا كله في مصلحة ولد عبد العزيز وانه هو وولد عبد العزيز بينهما اتفاق ولست أميل الى هذه الفكرة فغزواني يلعب في المياه العكرة ولا أخفيكم أني كنت أميل كثيرا اليها لكن بعد مؤتمر ولد عبد العزيز الاخير تغير كل شيء حتى مجريات التحقيق واهدافه تغيرت فالذي كان ينويه ولد الغزواني مع ولد عبد العزيز تغير بسبب المؤتمر ولست ادري بماذا بالضبط كان يُفكر ولكنه قطعا ارتعدت اقدامه بسبب شيء ما جاء في المؤتمر .
ليس اتهام الآخرين حيلة جديدة للاستهداف بل انه الحيلة الجاهزة في كل مكان وزمان . منذ قدم الأزل والاستهداف سلاح وسلعة. سلاح ضد كل من يشكل خطرا ، وسلعة لكل من يطلبها ضد معارضيه . لم يكن ولد الغزواني يعمل لصالح ولد عبد العزيز ولا لصالح المعارضة ولا لصالح الشعب .. انه يعمل لصالح نفسه و انشاء إمبراطوريته وهذه القراءة تعتمد آليات التفكير جملة وتفصيلا فهي أولا لا تلوى عنق الاحداث لتقول ماليس فيها ولكنها هي الحقيقة .. يتواصل ..
—
أود الاشارة الى انني لست متخصصا في العلوم السياسية وحركات البطانة الفاسدة ولكنني اجتهد على قدر مااستطيع لتسليط الضوء على بعض الافكار وانا اعرف مقدما ان ماكتبته هنا لايشتمل على دراسة ناضجة بل انه مجرد افكار قد لاتكون منسجمة ولكنها مقدمة لفتح الافاق على مزيد من البحوث يمكن ان يقدمها اهل الاختصاص ..اذا كانوا هناك أصلا فهم في عزلة بسبب وجود السفهاء على هذا الفضاء ..