أدلجة الفساد وثقافته/ الأستاذ أحمدو ولد شاش

خميس, 10/09/2020 - 01:54

تتعدد طرق الفساد وتتطور، في تناسب طردي مع طرق مواجهتها، سواء في ذلك، فساد يزاوله الفرد او فساد تزاوله الجماعة ..
فالفساد هو استغلال الفرد لنفوذه السياسي في خلق ثروة شخصية، منهوبة من الدخل القومي للوطن، سواء كان هذا النهب مباشرا، أومغلفا بنشاطات عبثية، أو كان بفعل سوء التسيير... كل هذا على حساب الوطن والمواطن ..
إذا تعدى الفسادُ الفردَ في أساليبه وآلياته، تشكلت طبقة أو فئة نسميها منظومة الفساد، وعندها يغدو الفساد مؤدلجا، له منظروه ومؤطروه، وطبقة من الانتهازيين والإقطاعيين، تحميه وتدافع عنه، بل وتبث وعيه وممارسته في أوصال الدولة، محطمة جدار الخجل الاجتماعي ومفاهيم الفضيلة وروح القيم والمثل التي تحصن الفرد ضد الممارسات والمسلكيات الزائغة...
إن انهيار القيم المثالية كالعدل والوطنية والالتزام والارتباط الروحي والفعلي بالمأمورات والنواهي الشرعية، يجعل أفراد المجتمع عرضة لتأثير إيديولوجيا الفساد، مشكلة طبقات فاسدة، لكنها متآلفة ومتضامنة على هذا النشاط، ومتمرسة في مزاولته...
قد لا تبدو الآثار الكارثية للفساد متضحة المعالم في الدول التي يفوق دخلها القومي حاجيات منظومة الفساد، لكنها تبدو أكثر وطئا وأشد وقعا في الدول الفقيرة أو ذات الدخل المحدود، مما يهدد السلم الاجتماعي ويخلق الصراع الطبقي..
لقد عانت مؤسسات الدولة من تفشي هذه الإيديولوجيا، حتى أصيب المواطن بإحباط في كل ما يسمى مشروعا وطنيا حتى ولو كانت مردوديته واضحة ومرغوبة، وهذا موضوع آخر، يتعلق بإعادة الثقة والاعتبار وزرع المفاهيم الوطنية الصحيحة، تقع مسؤوليتها على القطاع التربوي بشكل خاص.
في بلدنا، وفي البلدان المشابهة، لا تكفي رغبة الإدارة العليا في القضاء على ظاهرة الفساد، مهما بلغت من إخلاص وتفان فيه، فالأمر يتطلب تضامنا وتآزرا بين المؤسسة الأمنية بكل أوصالها، والشعب بكل مكوناته، لإعلان حرب لا هوادة فيها ضد الفساد بكل مظاهره والمفسدين، ليس بشكلهم الشخصي فقط، وإنما بشكلهم السلوكي والإيديولوجي... حرب كالتي تكون على الإرهاب في القضاء عليه وعلى بؤره ومنابعه... وهذا ممكن، فوجود الوسائط الإعلامية بكل أشكالها، يمكنه أن يشكل منابر صادقة تكشف كل آليات الفساد وتجليها بالحقائق الموثقة، بعيدا عن الكلام الإنشائي والتضليل الإعلامي الذي يختفي فيه المفسدون، و يسود فيه تسييس الفساد...
إن إقامة الورشات والمنتديات والحفلات وإنشاء البعثات، كلها وسائل حديثة ومستحدثة لمزاولة الفساد، وأكثر حالاتها، أن يكون استهلاكها ومتطلباتها أكثر بكثير مما يتطلبه المشكل المطروق، ...
إن القضاء على الفساد وآلياته، يتطبل إرادة سياسية صادقة وقوية، ورأيا عاما يحميها ويدعمها، وإذا تم ذلك، أمكننا القضاء عليه في بلدنا، في ظرف زمني قصير وقد لا نستعجل، إذ أن طريق الألف ميل تبدأ بخطوة ... فالمهم أن نخطو نحو الهدف...
واخطر الفساد، هو التعلق بماض وهمي يغطي الواقع ويرفع صورة مخادعة تغدو فيها حرب الفساد اسلوبا لتصفية الحسابات والتخلص من الخصوم ...
نريد حربا تفيد وتقدم نتائج ملموسة تعود بالنفع للوطن والمواطن ..