لا أحبذ بطبعي أي حديث -وبالأحرى إذا كان عاما- يتطرق للانتماءات وفضاءات الحواضن الاجتماعية الضيقة، كما أتحاشى قدر الإمكان الخوض في التطورات الأخيرة وأحتفظ لنفسي بموقفي منها، غير أني أعرف جيدًا مرارة أن تَستهدف العامةُ وبالسنة طوال؛ مجموعةً إجتماعية بعينها ويتبارى البعض في التقول على التاريخ والتندر غير الأخلاقي وغير المبرر وكلي يقين أن من يتقرب بذلك للرئيس الحالي قد أخطأ وربما أحرجَ، فليس هذا طبعه وما كان ذاك ديدنه.
أيها الإخوة؛ محمد ولد عبد العزيز رجلٌ حكم موريتانيا أزيد من عقد من الزمن، إجتهد، أصاب أو أخطأ فالحكم للعدالة في الوقت الراهن وللتاريخ لاحقًا ويبقى الأمر في الحيز السياسي البحت، من أخطأ ولد عبد العزيز في حقه أو أهانه فلن يلومه أحدٌ في استحضار ما عاشه من ظلم وقد نتفهم منه التحامل وحتى الإساءة لرجل سياسي قَبِلَ ذات يوم أن يتولى الشأن العام، قد نجد كذالك مخرجا لرجالات السياسة في تقييمهم وتقديرهم لتلك المرحلة في سياق عدم الإيمان بالثوابت في هذا المضمار.
لكن أن يصل الأمر حدّ التحامل على محيطه الإجتماعي ونعته بأوصاف ظالمة، جائرة، كاذبة فيها تَجنٍ كبير على المعطيات والتاريخ فذلك ظلمٌ وجورٌ لا يمكن السكوت عليه.
من يريد أن يقول الحقيقة فلن يزيد على أنهم قوم شرفاء، أماجد،فضلاء، جزء لا يتجزء من النسيج الاجتماعي المحلي، لهم تاريخ راسخ في الذاكرة الجماعية المحلية رسوخ صخور إنشيري وجبال تيرس وواحات آدرار وحتى مزارع شمامه مرورًا بكثبان آمشتيل.
فبعد أن أخذوا النصيب الأوفر في مسار تَشَكُّل المجتمع الموريتاني وكانوا أهل شوكة وأصحاب علم ودراية، ساهم القوم بجدارة وتميز في قيام الدولة الوطنية الحديثة، وواكبوا نهضتها التنموية والاقتصادية وكانوا رأس الحربة في عالم المال والأعمال، ولا يمكن إختصارحضورهم على فترة حكم وجيزة، وُجدوا قبلها بحيوية أكثر "وإدورو أمللي يفظلو أوراها".
عودوا أيها الإخوة إلى كُتُب التاريخ غير المزورة والصادقة، إستمعوا إلى صوتيات من أرشيف الإذاعة الوطنية تحكي تدشين مسجد إبن عباس وبعض معالم التأسيس بالعاصمة، راجعوا ما سطره الشعراء وألسنة الخلق من موروث أدبي وطني ثم عودوا إلى رشدكم.
نحن شعب ضعيف البنية نتحسس كثيرا من القضايا عندما تُحمل لسوح الانتماءات الضيقة، لا نريد أن تكون معاركنا هناك ومن باب أحرى إن فعلنا بمعطيات تحمل في طياتها التحامل والكذب والتلفيق.