بنشاب : قالت سيدة حقوقية لم تدعم نظام الرئيس السابق، إن العدالة لا تتجزء، و حين تستهدف شخصا دون غيره أو تجتزئ فترة دون سابقاتها، تصبح مشوهة.
و هي محقة.
و قال معارض لنظام ولد عبد العزيز: لا حصانة للرؤساء من المتابعة القضائية، فقد تم إستجواب الرئيس الفرنسي ساركوزي.
و هذا المعارض محق هو الآخر، و إن إستخدم حقا لتبرير باطل !
و قال آخر: ألم يتعرض جاك شيراك للمحاكمة و أدانه القضاء ؟
و هذا الآخر محق هو الآخر، و إن كان القياس غير وارد !
فعلا تعرض الرئيس الأسبق الفرنسي جاك شيراك لمحاكمة أدين إثرها، و تمت محاكمته 2011 على تهمة بالفساد إبَّان رئاسته لبلدية باريس بين الأعوام 1977-1995.
و أثناء المحاكمة كان الإدعاء العام يحث القاضي على تبرئة جاك شيراك و المشمولين معه.
و كانت التهمة خلق بضع و عشرين وظيفة وهمية في البلدية التي يرأسها.
و نيكولاس ساركوزي لا زالت ملفاته معروضة أمام القضاء، و قد أسقطت عنه بعض التهم، لكن لا تزال تطارده تهم متعددة.
و قد بدأت متاعبه مع القضاء حين نشر موقع “ميديابارت”2012 وثيقة ليبية يقول فيها موسى كوسا رئيس الإستخبارات الليبية إن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ساهم في تمويل حملة ساركوزي الإنتخابية 2007 بحوالي خمسين مليون أورو، وقد أكد التهمة رجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين الذي صرح لنفس الموقع “ميديابارت” أنه سلم في عامي 2006 و2007 ثلاث حقائب مليئة بأموال نقدية من فئة 200 و500 يورو إلى ساركوزي ومدير مكتبه كلود غيان، و زعم أن مصدر الأموال هو الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
و في هذا الملف كيفت ضده 2018 تهمة “الرشوة السلبية”، و”اختلاس الأموال العامة الليبية” و”التمويل غير القانوني لحملته الانتخابية”
و نلاحظ في حالتي الرئيسين الفرنسيين السابقين أنه لا توجد بصمة للجنة برلمانية في إتهامهما، و لا قرار سياسي بتوريطهما.
و في حالة الرئيس الأسبق جاك شيراك كان الإدعاء متعاطفا معه و طلب تبرئته، و على العكس يحاول الإدعاء محاصرة نيكولاس ساركوزي حتى لا يفلت من العقوبة في أكثر من ملف لا يزال معروضا أمام القضاء.
و مثل الرئيسان الفرنسيان أمام القضاء بسبب تسريبات و تصريحات موثقة فرضت تدخل القضاء الفرنسي.
و على العكس تماما و النقيض من المثالين السابقين نجد أن الرئيس السابق ولد عبد العزيز لم يمثل أمام القضاء بسبب تسريبات أو تصريحات تتهمه في ملف محدد أو ملفات معينة كما حصل مع الرئيسين الفرنسيين.
إنما أخضع لتحقيق بقرار سياسي و بشهادة المكاتب الدولية الثلاثة حين أوردت في “الفقرة التاسعة التحفظات”:
” 1.9 لا يمكن أن يشكّل التقرير تقييما لمدى حجية التحقيق البرلماني الجاري، ذلك التحقيق النابع من قرار سياسي للجمعية الوطنية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية. “
وردت هذه الفقرة في كل ملف من الملفات العشرة التي أعدها تجمع المكاتب الدولية !
و إن كان التحقيق بقرار سياسي، فقد كان أعمى و على غير بصيرة حين قررت لجنة التحقيق أن “تخبط خبط عشواء” لأنه لم تكن هناك تهمة محددة و لا ملف معين، إذ أن لجنة الصفقات من مجلس الشيوخ المنحل عجزت يوم تشكلت 2017 أن تحدد أو تجد بينة أو قرينة فساد.
و من أجل هذا قررت لجنة التحقيق البرلمانية أو “القرار السياسي” الذي يقف وراءها أن تحقق في سبع ملفات متزامنة لعلها تكتشف نهبا أو شبهة فساد، و حين لم تجد ضالتها، قررت أو قرر “القرار السياسي” إضافة ثلاث ملفات أخرى، و حين وجدوا أن ضالتهم لا يظهر لها أثر ولا عثر في الملفات المضافة ! غيروا التكتيك إلى الشعوذة و الأعمال الشيطانية حين أتحفهم المستشار القانوني بفكرة شيطانية على أساسها حبك لهم تكييف ملف جزيرة التيدرة على أنه يرقى ليكون خيانة عظمى !
و لأن هدف لجنة التحقيق ليس البحث عن فساد لا برق و لا رعد يبشر به، و إنما مساعيها “الحقيقة” تقاطعت مع تطلعات المسنشار القانون من أجل إغتيال الرئيس السابق “سياسيا” و تمزيق نهجهه ثم طمس أثره !
و يقول جل من قائل: “وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ”
المامي التراد