دولة تازيازت .. وجمعية موريتانيا الخيرية!

أربعاء, 13/05/2020 - 10:30

يقول الكاتب الفرنسي "ميشيل دي مونتين" 
"أعر نفسك للناس، لكن أعط نفسك لنفسك " 

لا أحد يستطيع أن يفسر صمت الساسة - معارضة وموالاة - في بلدنا عن أهم الملفات الوطنية على الإطلاق ، وهو ملف الإهانة المسمى  " تازيازت " 

أما صمت المطلب الشعبي وإرتهانه للخمول والجبن ونكوصه خلف وهم الرخاء الذي لن يطال منه إلا ما طال حنين من غير خفيه ، فهو معلل ومفسر ومحلل ومعتل الأول والآخر .

قضية تازيازت ليست قضية منجم وثروة منهوبة بالتعاون بين السماسرة في الداخل والجشعين في الخارج ، إنه ملف كرامة وطنية .

كيف لثلاثة ملايين لا يحسنون غير الحديث ، أن ينتابهم هذا الصمت الجاثم دون الحق ؟

" شركة تازيازت موريتانيا المحدودة " ..
عام 2009 حققت تازيازت مبيعات بقيمة مليار دولار ، 650 مليون منها أرباح صافية ، وحصلت الجمعية الخيرية المسماة موريتانيا على 65 مليون دولار منها كضرائب .
في ذات الوقت كانت رسل البلاد تجوب الشرق والغرب مستجدية القروض والمنح، بحثا عن ملايين من الدولارات ( من المؤسف أنهم كانوا يلبسون بذلات وربطات عنق راقية ) .

تمر طائرات تازيازت المحملة بالأصفر النقي فوق القرى النائية وتخطط للتكرم بحفر بعض الآبار كي لا يموت الناس هناك تماما كما يشفقون على كلابهم من الموت .
وهناك في جزر الكناري ، يستضاف أصحاب البطون المكورة رفقة عشيقاتهم ، في الأرخبيلات الخرافية ، ويعيشون أيامهم بعيدا عن شوراعنا المتسخة ومناظر الفاقة في أحيائنا التعيسة .

هذا ما يحدث بالتحديد ..

في العام 2014 حققت فتوحات وغزوات تازيازت أكثر من 2.6 مليار دولار ، وأطعمت الأفواه الزرقاء ب 300 مليون منها .

مازلنا حتى ذلك التاريخ نرسل الوجوه الشاحبة إلى البلدان الصديقة والشقيقة ، حتى ضاقت دونهم جداول المواعيد في مكاتب البنك الدولي وقصور الملوك والرؤساء .
وكل مطالبها تحت سقف العشرات من الملايين.

انظروا خلفكم..

هل تعرفون ما يمكن أن تفعله 2.6 مليار دولار بخارطة البؤس هذه ؟
إنها ببساطة شديدة ، تكفي للقضاء على 40% من الفقر ، أي أنها كافية للقضاء على الفقر في عامين لا أكثر .

كل ذلك الإغراء لم يكن كافيا لينبس أحد بكلمة في وجه جبروت الإستغلال والرشوة والعمولات المسمى تازيازت .

كل ذلك لم يكن كافيا لتخرج قامات وطنية بلا حسابات بنكية نهمة ، لتقود تظاهرة عارمة لطرد مصاصي الدماء وتعرية السماسرة من إمتيازاتهم .

في العام 2016 ، يطلب سكان أنشيري من إدارة تازيازت أن تستمع إليهم بخصوص مطالب تعهدت بها الشركة فيما يخص التنمية المحلية .

لا أريد أن أتقصى مخزون تلك العبارة العامر بالإهانة والإستكانة والضعف .
( سكان إينشيري يطلبون من تازيارت أن " تستمع" إليهم) 

كلمات كهذه كانت كافية لتأميم تلك الشركة صبيحة ذلك اليوم ، وأن ترى نايشين الضباط مسورة ذلك العار .

لا يحب الموريتانييون الحديث عن أي منزع ثوري ، لكن وطأة الإعتياد على الإهانة كافية لترجمة المحتوى .

دعونا من كل ذلك 
لينظر أحدكم إلى الدمار الناتج عن حرب طاحنة في أي بلد من العالم ، ويقارن ذلك الدمار بالعدم الذي نستظل به ، وسيدرك جيدا أن رصيدنا للقفز على ذلك المنجم والشمس في كبد السماء ، لن يكون مختلفا عن أحد أيمانا الأخرى ( عرق وعطش ومسغبة في يوم مسغبة ).

دعوا الساسة والأحزاب جانبا ، فليس من بين تلك الوجوه الكالحة من يستطيع خلع الظلمات عن وجهه في يوم من أيام الوطن .

علينا أن نضع تازيازت نصب أعيننا .

فثروتنا هي ما يغرفه الأجانب في الشاحنات من باطن الأرض لا مانجمعه "ببيلات " من على ظهرها .
ليسأل كل واحد منا نفسه ، لماذا عانت أمهاتنا كل ذلك الألم يوم المخاض، وهل سيعيش أحدنا أو يموت قبل أو بعد موعده المكتوب ؟ .

محمد أفو

#كامل_التضامن مع عمال تازيازت.