نتحدث في السانحة عن رجل المسافات القرآنية الشيخ الشريف محمد ولد أحمد ولد أبيّاه ولد أحمد ولد سيد أحمد ولد سيد محمد التيشيتي السباعي (البوتلميتي سكنا)، صاحب الكرامة.
وفي الحديث عنه عبق تاريخي ممزوج بأريج تاريخ ومسيرة شيخ المشايخ والزعيم الوطني الكبير الولي الكامل عبد الله ولد باب ولد الشيخ سيديا...لانه ارتبط به اتباطا عكس حياة هذا الزعيم الروحي والسياسي القرآنية.
الشيخ محمد ولد إبياه من الاولياء المتوارين ورجال القرآن الكريم.. القى الله في قلبه القرآن من غير كدٍّ ولا مشقة.
كان حفظه للقرآن كرامة عجيبة حيث حفظ القرآن من غير دراسة هكذا أدركته يقول .. إن والدته المنعمة اعياها "إِدْكََمْكِيلُو" فقدمت به الى الشيخ عبد الله واخبرته بما وقع لها معه فقال لها اتركيه وكلفه بضبط مكان توقفه عند قراءة ورده من القرآن ..
وكان لسان الشيخ عبد الله رطبا بالقرآن لا يشغله عنه شاغل ومن كثرة ملازمته للشيخ حفظ القرآن الكريم ووعاه من غير قراءة .. هكذا أدركته يقول. ولا غرابة فمن غدا مضافا لأرباب الصدور تصدَّرا..
كان محمد ولد ابياه رجلا قرآنيا بامتياز متقنا لاسراره وتلاوته مداوما عليه متواضعا نظيف الملبس طريف الحديث من غير لغو .. مداوما على الطهارة.
لقد كان من شدة اتقانه للقرآن أنه كان يقيس به المسافات فيقول المسافة بين عين السلامه والدشرة مقدار عشر من القرآن... وقد أدركته يرتاد جدتي التي هي أخته في الرضاعة والتي كان يديم زيارتها كلما قدم من عين السلامة وعندما كانت في انواكشوط كان أحيانا يبيت عندها فيتحفنا باسراره ومعارفه وحكاياته التاريخية ونرى عبادته وقراءته للقرآن وصلاحه وكان يداوم على علاجنا من العين "يَكْلَعْ النَّظرة" بخيطه القطني العجيب وكان متفننا فيها وبشكل عجيب مذهل لنا كصغار ومبهر للكبار الذين يفاتحهم بالاسرار والعلاجات العجيبة.
كان يوما متجها الى زيارة أهل سليمان وهم أنذاك في المطار القديم او اهل يوسف ولد يعقوب، فقلنا له يا محمد كم من الوقت يكفيكم للوصول اليهم من توجنين (7كلم) فقال لنا: خمس من القرآن.. وكان يذهب صباحا ويعود مساء وهو شيخ مسنٌّ.. فعجبنا من دقته في تقدير المسافات..بل كنا نقطع أنه تطوى له المسافات.
الشيخ محمد ولد إبياه رجل عجيب مهاب جميل المظهر حلو الكلام يجيد الدعاء ويبذل النصح لعامة المسلمين وخاصتهم.
وكانت عنده ميزة عجيبة هي حب الصغار والمسارعة لاكرامهم وتَرضيتهم واضحاكهم والمزاح معهم و"إكْليع النظرة" منهم.
كان يقول للمرأة لما يراها تنهر ولدها قولي: الله يَصُلْحُ.
كأني بهذا الولي المتواري يسير بين أزقة المدينة العامرة بوتلميت متعففا كريما وعلى رأسه عمامته الحسينية السوداء تحتها دراعة سنية بيضاء متلألأة نظيفة، يتلو القرآن ويزهو بحكايات صحبته للشيخ عبد الله..ومُجرياته العجيبة معه.
الشيخ عبد الله ولي كامل قرَّاء للقرآن لا يقطعه عنه الا تدبير أمر عام ثم يعاود التلاوة والاستغفار.
رحمهما الله وبارك في عقبهما ونفعنا ببركتهما.