بنشاب : مدينة نواذيبو، القلب الاقتصادي النابض لموريتانيا، تواجه موتًا بطيئًا بفعل سياسات الإقصاء والتهميش، وكأنها تُدفع عمدًا نحو زاوية النسيان.
هذه المدينة، التي تحتضن بين طياتها جميع أطياف موريتانيا وأعراقها، وتساهم موانئها البحرية في تصدير الثروات السمكية والمعدنية التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني، تعيش واقعًا لا يعكس حجم مساهمتها في رفاه البلاد.
فلا بنية تحتية لائقة، ولا خدمات صحية أو تعليمية تواكب تطلعات سكانها، وكأنها مجرد محطة عبور للموارد دون أن تنال نصيبها المستحق.
فمنذ بداية الألفينيات، ظهرت موجة استثمارات أجنبية قادها الصينيون، ثم تبعهم الأتراك، لتحوِّل هذه الاستثمارات تدريجيًا المدينة إلى مساحة يُقصى فيها المواطن الموريتاني.
فالمستثمر الأجنبي، الذي يُعفى غالبًا من الضرائب، استنزف الموارد، وحوّلها إلى عملة صعبة تُحوَّل للخارج دون أن تترك أثرًا إيجابيًا على الأسواق المحلية أو على حياة السكان.
وفي المقابل، عجزت الحكومات المتعاقبة عن تبني سياسات تنموية عادلة، فتُركت نواذيبو على هامش الخطط التنموية، وكأنها ليست جزءًا من هذا الوطن.
وما يزيد الجرح عمقًا هو التجاهل الصارخ الذي أبدته اللجان الوزارية المكلفة بدراسة مشكلات التنمية في الولايات، حيث استُثنيت نواذيبو من هذه الزيارات، في خطوة تفتقر إلى أي تبرير منطقي.
هذا الواقع المرير يدفع للتساؤل: لماذا يُراد لنواذيبو أن تموت؟..
وكيف يمكن تفسير هذا الإهمال المتعمد لمدينة تُعد العمود الفقري للاقتصاد الوطني؟.
إن إنقاذ نواذيبو مسؤولية وطنية تستدعي وقوف الجميع صفًا واحدًا لإعادة الحياة لهذه المدينة التي قدمت الكثير لموريتانيا.
فأي رؤية تنموية جادة لا تنطلق من نواذيبو هي رؤية ناقصة، وأي حديث عن التنمية المستدامة لا يضع نواذيبو في الصدارة هو حديث عبثي لا يسمن ولا يغني من جوع.
إن مستقبل هذا الوطن يبدأ من هنا، من نواذيبو، المدينة التي لن تموت ما دام في الوطن نبض حياة.
-سيدي عثمان ولد صيكه..