"مدينة نواذيبوا "سقطت البقرة فكثرت سكاكينها"
عروس الشمال أم عروس المليارات ؟!
تصاعد الحديث وتعددت المداخلات وتشعبت الآراء ودخل شعبان في رمضان وخلط الزيت على الماء قبل أن يوضع فوق النار…عقب الحديث عن استثمار 150 مليارا أوقية قديمة فقط على مستوى مدينة نواذيبوا، أي ما يعادل ميزانية موريتانيا قبل سنوات وميزانية عدة بلدان إفريقية فوق خط الفقر.
فلسفيا ومن منطلق سياسي، المشكل لا يكمن في توفير الميزانية ومصادقتها من طرف الحكومة وتخصيصها لولاية ما، وإنما في الطريقة التي يتم بها تسيير تلك المبالغ ومدى استفادة المواطن البسيط منها، سواء كان ذلك على مستوى الأمن الغذائي، أم الصحة، أم الإعمار، أم التحكم في الأسعار وتوفير مواطن عمل مدرة للدخل والتكفل بالأيتام والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمطلقات والمتقاعدين والعمال غير الدائمين.
و من المحير في أمر هذه المدينة أو الشمال قاطبة هو عدم انعكاس أي استثمار على الواقع المعاش وما نشاهده في أرصفة ما باتت تعرف بعروس الشمال، ولا يعي الكثير أن تلك العروس لم تفرح ولو للحظة وانما تعيش كابوسا وصدمة حادة وصمت رهيب منذ الستينيات، ولم توفق الحكومات المتعاقبة على اختيار صحيح في تعيينات أبناءها بشكل صائب.
- لم يمثل الشمال في التعيينات والوظائف السامية كما يستحق وكما يجب ويرضي النخبة :
لا يوجد حاليا في الإدارات الموريتانية من يمثلون ساكنة مدينة نواذيبوا الأصلية إلا قلة قليلة، وخصوصا من المثقفين وأبناء الوجهاء والمشايخ وكذلك مثقفيها من الطبقة الهشة أو المهمشة والتي تستحق الاندماج وتقاسم الفرص كسائر المواطنين في تحت سقف دولة القانون.
- صناديق الاقتراع ستكلم في الرئاسيات المقبلة :
إذا لم تتدارك الحكومة وضعية المدينة الراهنة، وخصوصا استفزاز المواطن بالحديث عن استثمار مئات المليارات في الوقت الذي يعاني فيه الانقطاع المتكرر أو شبه الدائم للماء والكهرباء، انعدام النقل والأدوية وأساسيات العيش الكريم والارتفاع المجحف للأسعار…إلخ. فالإشكالية ليست في توفير الحكومة لتلك الميزانيات الكبيرة وإنما في اختيار من يسير ومن يأمر ومن يؤدي الأمانة لأهلها من مواطنين أملوا كل الأمل في وعود وزراء يتعاقبون على المناصب دون جدوى ودون مردودية ملموسة.
- تغيير الواقع باختيار الأكفاء ضرورة ملحة :
على رئيس الجمهورية تدارك الوضع، وعدم الرضا بالعبث باسمه وباسم سياسته الهادفة لإدماج الطبقات الهشة ومؤازرة المنكوبين وحماية المواطن بصفته المدنية لا بصفته العشائرية.
على الرئيس تدارك الوضع قبل الانتخابات الرئاسية التي أصبحت على قدم وساق، وإدماج المثقفين الحاملين للشهادات العليا من ابناء المدينة وأبناء مؤسسيها وأبناء وجهائها وأطرها، فليس كل مؤظف سام من أهل المدينة يعتبر تعيينه في منصب سام إرضاءاً أو اجماعا لجميع الساكنة، فقد يكون بعض المسؤوليين الذين يحسبون على الشمال و خصوصا مدينة نواذيبوا لا يعدلون فيها و لا يزنون و لا يمكنهم ضمان حتى صوت ناخب واحد؛ في الوقت الذي تعتبر الدولة تعيينهم مرضاة لأهل الشمال، و هذا خطر و ينعكس على صناديق الاقتراع في اي انتخابات راهنة أو مقبلة.
الدكتور والمحامي :
محمد صالح آبيه محمد صالح