بنشاب : سيدي الرئيس،
السادة أعضاء المحكمة الموقرة،
من تقاليد مهنتنا أن يرافع الأحدث انتماء إليها فالأقدم.. ويتجسد هذا غالبا في أن يرافع الشباب أولا ثم يأتي دور الشيوخ! وينسجم هذا التقليد مع حكمة من حكم العرب الذين يقدمون شيوخهم مطلقا إلا في ثلاث: إذا لقوا خيلا، أو سروا ليلا، أو خاضوا نيلا! ولعمري إن الدفاع لكذلكم. وحري بمن يخوض غماره في مثل هذا الموقف أن ينشد قول امرئ القيس بن حُجر:
فيا رب مكروب كررت وراءه وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا.
ويرى بعضهم أن هذا التقليد – رغم نبله- يضر بأداء الشيوخ؛ إذ كثيرا ما لا يترك لهم الشباب من المائدة إلا السؤر (الحيس لؼدح).
لذا لن أطيل كثيرا، وقد لا أضيف جديدا، وسوف أكون في منتهى اللباقة والمرونة والصدق، احتراما لمحكمتكم الموقرة خصوصا، وللقضاء عموما، وللجمهور القليل الذي استطاع تجاوز عقبات صراط ولوج هذه القاعة.. ولكني أيضا سأقول الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق، فقد تقلص دورنا – نحن المحامين- في عدالة اليوم لنصبح مجرد شهود حسب تعريف إبداعي لزميلنا المبدع الظريف الأستاذ الزعيم ولد همد فال.
وستكون مرافعتي - إن شاء الله - موزعة إلى محاور أساسية هي:
- انعدام وبطلان هذه المحاكمة بقوة نص دستوري سام ومهيمن على جميع القوانين؛ هو المادة 93.
- انعدام وبطلان هذه المحاكمة بسبب انتهاك معايير المحاكمة العادلة وخرق القانون في معظم إجراءاتها.
- كيدية واختلاق الدعوى.
- العسف والتعذيب والتمييز والاضطهاد والاستهداف ضد الرئيس السابق.
- نقاش التهم والبينات والرد على طلبات النيابة بصيغة الجمع.
- خاتمة في القضاء والعدل، وهو أساس الملك..
- ثم الطلبات.
أولا: انعدام وبطلان هذه المحاكمة بقوة نص دستوري هو المادة 93!
سيدي الرئيس،
السادة أعضاء المحكمة الموقرة،
قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾. والعقود هي العهود. والدستور عقد اجتماعي وثيق، وعهد سام مسؤول!
ومن البديهي أن هذه المحاكمة منعدمة وباطلة من حيث الأساس، ولا أثر لما يصدر عنها أيا كان، إلا أن يكون قرارا بعدم سماع الدعوى لعدم اختصاص القضاء العادي في اتهام ومحاكمة رئيس الجمهورية، ولامتناع مساءلة رئيس الجمهورية - سواء أكان سابقا أم لاحقا- عن غير الخيانة العظمى! وذلك بقوة نص المادة 93 من الدستور التي تقول الفقرة الأولى منها حرفيا: "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية".
اللهم إلا إذا كانت هذه المادة غير موجودة أصلا في دستور 20 يوليو 1991؟ أو كان قد تم إلغاؤها أو تعديلها! ومتى؟ وكيف؟ أو كان في فقرتها التي أدلينا بها أمامكم لبس أو غموض حتى تؤول أو تفسر! ومن طرف من؟ أو إذا كان قانون المرافعات الجنائية الذي اعتمد البرلمان - بموجب استشارة أخرى، وفي عهد الانحطاط تكثر الفتاوى والاستشارات- على المادة 36 منه أساسا لتعهيد القضاء العادي، قد أصبح أسمى من الدستور! أو صار وكيل الجمهورية المتهِم في هذا الملف هو الجمعية الوطنية، وصارت محكمتكم الموقرة هي محكمة العدل السامية! أو كان من صلاحيات القاضي إلغاءُ الدستور!
﴿فأين تذهبون﴾؟!
بالمناسبه: أصبحت إن قال قائل قربا مربط النعامة مني : لا أذكر ابن عباد مُتجهزا للحرب بل أذكر العميد واقفا أمام #المحكمه !!