بنشاب : كتبت المحامية اللبنانية ذ/سندريللا مرهج و عضو هيئة دفاع الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز :
عجبت لتعجّب البعض لا سيّما حقوقيين موريتانيين من قرار #رئيس_جمهورية #موريتانيا السابق #محمد_ولد_عبدالعزيز القاضي بتوكيل محامية أجنبية -لبنانية للإنضمام إلى فريق دفاعه.
عجبتُ لما اعتبره البعض في هذا القرار "تقليلاً" لدور المعنيين الموريتانيين الحقوقيين بالملف.
قيل لي " نحن أدرى بقوانيننا" وقيل لي " ربما لا تعرفين القوانين الموريتانية" وقيل الكثير… حتى أثناء بعض النقاشات أو الأحاديث الجانبية التي حاولتُ فيها طرح ملاحظات أو أفكار أو اقتراحات.
عَجبتُ من اعتماد طرف مدني تبعاً لوكالة وزير مالية، في قضية جنائية تمثّل فيها النيابة العامة الحق العام وقد حرّكت الحق الشخصي بادّعائها وطلباتها.
طرفية غير منصوص عنها في القوانين الموريتانية بالشكل الذي وردت به في قضية موكلنا.
عجَبتُ من عدم تقديم الزملاء، وكلاء باقي المشمولين دفوعاً شكلية، والتعامل مع القضية بأسلوب "فصل" على الرغم من انها قضية واحدة.
حاولت في أكثر من مناسبة، وحول نقاط قانونية أخرى، طرح مقارنة مع ما يُثار في القضية محلياً ودولياً. مثلاً نطاق تطبيق اتفاقية مكافحة الفساد، أو مفهوم حصانة رئيس الجمهورية، أو خصائص الوظيفة العامة في المفهوم الدولي العام. قدّمت مقارنة سريعة مع القانون الدولي العام أو بعض القوانين الاوروبية او الاجتهادات اللبنانية، لكنني لاحظت امتعاضاً من أكثر من جهة.
قرأت على وجوه البعض من سيّاد القانون الانزعاج او الشعور وكأنّ نوعاً من "الاستعلاء" يُتلى في كل مرة أتطرّق فيها لما في الخارج.
عجَبتُ من عدم وجود مترجمين معتمدين معيّنين بشكل دائم في المحكمة المبنية أساساً على اتفاقية دولية وعلى بعض التفسيرات لقوانين ونظريات أجنبية يترافع فيها أولاً محامون محليون لا يتكلمون العربية وهم يمثلون الدولة، والحمدالله أنّي بتُّ أجيدُ "الحسّانية".
عجَبتُ من أسلوب "غضّ النظر" عن ما في القوانين الأجنبية لصالح "اعتماد" ما في "نظريات"خارجية للسير بهذه القضية بعنوان أعمال "متصلة" وأعمال "منفصلة"
وحتى الساعة لم اجد في القوانين الموريتانية بعد الجهة التي يُخوّل لها صفة وصلاحية "تفصيل" و "تحديد" و"تفسير" و تقييم أعمال وأقوال رئيس جمهورية.
الواقع يا سادة، إنّ الرئيس عزيز كان على حقّ.
على الرغم من أنّه غير حقوقي، لكنه يعي جيداً أن النظام القانوني ليس مغلقاً. يعي أنّ التشريعات تُستقى من بعضها والأحكام القضائية تستشهد ببعضها ولو ضمناً.
الواقع يا سادة، الرئيس عزيز لم ينتظر منّي أن أفتح له باب السجن.
هو يعرف جيّداً أن المفتاح في مكان آخر.
لكن رئيس جمهورية موريتانيا السابق محمد ولد عيد العزيز يعي جيّداً أنّ النظم القانونية ليست متباعدة، بل منفتحة ومتقاربة على بعضها لما فيها من تشابك مصالح.
أراد الرئيس عزيز أن يمنح فرصة لنا جميعاً يداً بيد لإعلاء شأن العدالة بنقاشات قانونية مقارنة مفيدة للقضية التي سيؤسَس عليها مستقبلاً في موريتانيا وخارجها، تأسيساً ايجابياً أو سلبياً، لا أدري بعد.
أعزائي، إنّ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لا تنتظر مَن يُبايعها لأنها أساساً لا تبايع نفسها بل تُعقَد المؤتمرات الدولية دورياً لمناقشتها.
ولا أنتظر أن يقتنع أحداً بما أدلي به، ولا أنتظر شهادة أو تقديرًا ولا تهمّني أي ردة فعل، كلّ ما أهتم به هو مصلحة موكلي الذي يقبع ظلماً في السجن، وتهمني مؤسسة #رئاسة_الجمهورية في بلادنا العربية التي تتعرّض لضرب هيبتها ودورها وسيادتها من كل حدب وصوب داخلياً وخارجياً.
وفي الختام، أبتسمُ كثيراً كلّما قيل أن القضية هي إنفاذ لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لأسباب كثيرة، أهمّها :
- الغفلة عن مبدأ "الإلغاء الضمني" عند تعارض الاتفاقية الدولية مع الدستور الداخلي، حيث أنّ المشرّع الموريتاني كالمشرّع المصري جعل المعاهدات والاتفاقيات الدولية عند التنفيذ بمرتبة أعلى من القوانين ولكن ليس أعلى من الدستور.
وأعجبُ كثيراً من مَن لا يقرأ … خاصة المستقبل.