بنشاب : حين يكون الإنجاز الوحيد ( لنظام ما) هو أنه اكتشف ما كان باديا للعيان ويراه أبسط المواطنين من فشل و فساد و تقصير ، وتمتلأ التصريحات الرسمية (من الرئاسة تارة و الحكومة تارة اخري و حتي الحزب) بالنقد و الامتعاض !! من دون معاقبة احد أو الإفصاح عن أنشطة و خطوات تصحيحية للوضع الراهن !!
....فأعلم انها " منظومة لا تملك فكرة و لا تصورا عن حلول.... فكما يقال " حين تعز الأفكار تكثر الأعذار" .
فالمواظبة على التفكير السياسي السلبي وربط التعثر بالآخرين و كثرة انتقاد الواقع ( من طرف من انتخبهم الشعب لتغييره و تصحيحه !! ) هي الدفاعات الرئيسية التي تلجأ إليها الحكومات و الانظمة لتتحلل (تتطهر) من المسؤولية في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتلصق ذلك بقوى خفية لا تراها إلا هي (و كأن هناك مسؤول آخر عن هذا الفشل غير النظام الذي انتخبه الشعب ) وهذه القوى غير المرئية ليست سوى ذريعة تبرر بها الحكومة رسوبها في امتحان الحكم. !!
و لعل السبب الرئيسي ان النظام الحاكم منذ (2019) أحاط نفسه بكشكول من الفنيين و الاداريين من اصحاب التجربة الطويلة في الفساد (مع أنظمة سابقة ) لا يقترحون من الحلول الا ما يصب في النهاية (في جيوبهم) و كثير من الاعلاميين و السياسيين لا يتقنون سوي خطاب النقد فهم أصحاب (التجربة الطويلة في المعارضة فقط ) حيث يسهل اكتشاف عيوب الحكم أو اختلاقها وانتقاد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، و لكنهم عاجزون عن إبداع الحلول الفنية الواقعية او انتاج خطاب سياسي واقعي و متزن!!
فمثلا مشكلة تغيب الأطباء تحل ببساطة عبر تركيب نظام حضور رقمي بيومتري لا يكلف الف دولار للمقر الواحد و تستخدمه غالبية الشركات (حتي المتوسطة و الصغيرة) وللخدمات الطبيبة أنظمة و معايير متعارف عليها يسهل تطبيقها و قياسها بشكل دوري كما للمستشفيات وسائل فنية و خطط لرفع كفائتها و جعلها اكثر فعالية. ..الخ و كلها حلول اكثر واقعية و مردودية و مهنية من الأوهام الإعلامية التي يروج لها المكتب الإعلامي للرئاسة عن " غضب فخامة الرئيس " و " امتضاعه من أداء المستشفيات " ...الخ
" فالوطن بحاجة الي اصلاحات و انجازات و ليس إلى مبررات الفشل "
والعجيب تنافس الحكومات المتوالية بشكل غير مسبوق منذ 2019 على ذكر المثبطات والعراقيل التي تعترضها ولعل التأويل الصحيح لهذا السلوك الغريب في ممارسة الحكم هو فقدان التحكم في الواقع وصعوبة التعامل معه والانفصال عنه.
ان المشاكل الجوهرية والازمات الخانقة التي يعاني منها البلد - حاليا- لا يمكن ان تحل عبر الترويج بشكل مبالغ فيه (للنوايا الحسنة في الإصلاح)، بل يجب أن تواكبها الأفكار و السياسات و الخطط المناسبة التي تجعل هذه النوايا حقيقة وليست أوهاما تروج لشغل المواطنين.
للأسف يتضح يوما بعد يوم أن الأزمة التي تعيشها موريتانيا هي ازمة مزودجة يتراكم فيها الفساد مع " العقم " في اقتراح الحلول وتصميمها وتنفيذها....