تحليل...

اثنين, 21/08/2023 - 16:39

بنشاب : يقول احمد ياسين: "اذا خيّرت بين العنف و قبول الذل ، فاختر العنف"ربما تمسك النيجريون بهذه المقولة بعد أن وضع احمد بولا تينوبو ومنظمة غرب افريقيا وفرنسا خيار "العنف أو الذل" أمامهم فألغوا فكرة عدم شرعية الانقلابات وشكّلوا طوقا شعبيا خلف مجلسهم العسكري, وبات خيار "العنف" لديهم واقعًا ليس مجرد فرضية, تدفق آلاف الشباب من كل حدب وصوب, تلبية لدعوة مكاتب التنجيد الطوعي, ومن آيات جدية الخطوة لدى شعب النيجر, عدم استشارتهم للسلطة الحاكمة, بل توحّدت كل أطياف المجتمع وفئاته من نساء و شباب في كتلة واحدة تأخذ خيار العنف على محمل الجد.

وقلت في مناسبات عديدة أن منظمة غرب افريقيا الاقتصادية لم تتدرج في مسار حل الأزمة, بل تصرّفت بطيش وكأن هناك من يدفعها نحو "ثقب أسود" بوضع خيار العنف على الطاولة وهو بعيد من الحكمة, فلا أجد منطقية لمن يدير شعار الاقتصاد والتنمية ويتحدث بلغة العنف وإسقاط النّظم السياسية, لكن لنغض الطّرف عن ذلك ونتعامل مع المعطيات، وقعت المنظمة في خطأ خيار التدخل العسكري كورقة حل أولية، عملية الاستقراء التاريخي لمآلات التدخلات العسكرية ذات الطابع الخارجي لا يمكن التنبؤ بنتائجها مهما كانت الخطة محكمة والموارد كافية، هذا ما أشار إليه القائد العسكري الألماني فون مولتكيه حين قال:"إن أفضل مخططات الحرب لا تصمد بعد الطلقة الأولى" والترجمة الحرفية لهذه المقولة الخالدة من السودان الشقيق، الجنرال أحميتي قائد الدعم السريع والجنرال البرهان قائد القوات المسلحة السودانىة، تعاركا بسبب خلاف بسيط، فانتهى بهم المطاف بإعادة السودان إلى العصر الحجري!

أهم الاشكالات المطورحة في سيناريو التدخل العسكري القوة الاحتياطية للمنظمة ، بحكم الدول الأعضاء في المنظمة، تعتبر نيجيريا العمود الفقري وصاحبة القوة العسكرية الأعلى عتادًا وجيشًا في المجموعة، سيكون الثقل على أكتافها حتما، لكن هناك مشكلة في هذه القوة، ترى هل وضعت المنظمة في الحسبان مبدأ التنوع الديموغرافي والتقاطع العرقي لدى نيجيريا والنيجر؟ لا أعرف مدى تفكير قادة المنظمة في هذا الجانب، لكن تأثيره على تداعيات التدخل العسكري مكلفة جدا، وهو مصدر وقود يعطي تفسيرًا لمدى امكانية اتساع رقعة العنف وانزلاقها، وإفريقيا حساسة جدًا من الناحية العرقية، وتتميز بهرم عرقي مركّب أقوى من النّظم السياسية في بعض الدول، ولا أعتقد ان المنظمة والهيئات الاقليمية بحاجة لمزيد من الشرح.

مهما كانت القوة الاحتياطية التي ستجمعها منظمة إيكواس من أجل المضي قدما في خيار التدخل العسكري فهي بحاجة إلى دعم لوجستي واستخباراتي ولا شك أن فرنسا وجهة مناسبة خصوصا بعد أن أكدت استعدادها لتقديم الدعم في حال طلب منها ذلك. إشراك أطراف خارجية في عملية التدخل العسكري  لتقرير مصير النيجر، سيعزز القوة الهجومية للمنظمة بطبيعة الحال، لكنه يحتاج فاتورة باهظة الثمن وهي تحوّل المنطقة إلى صراع مفتوح مجهول المصير، سيضع الولايات المتحدة الامريكية تحت ضغط كبير، وإذا لم تُشرك المنظمة فرنسا تبقى قدرة المنظمة محل شك في حسم الخيار العسكري. ولا شك أن المنظمة ماضية بلغة اللسان و مشروع الورق في خيار العنف و التأكيد عليه، قال عبد الفتاح موسى مفوض السّلم والأمن في المنظمة البارحة: إن إيكواس متمسكة بخيار الإفراج عن محمد بوزوم وعودة الشرعية، ورافضة للاعتراف بالمرحلة الانتقالية التي كان قد أعلن عنها الجنرال عبد الرحمن تياني في خطاب رسمي، واصفا إياه بالنكتة، وكل هذا التصعيد يصعب من خيار الحال الديبلوماسي والسياسي، وهنا يظل خيار التدخل العسكري قائما، خصوصًا بعد أن علّق الجنرال تياني عليه  قائلا: عندما تقررون الدخول للنجير ستجدون أسودًا" واستلهم بثورة وكفاح شخصيا و اسماء لقبائل في النيجر، وهذه إشارة واضحة لنية الصمود والمواجهة الحتمية.

Sultan Elban

الإعلامي/ سلطان البان