بنشاب : كتب الأستاذ أحمدو الشاش السياسي المخضرم و المرشح كنائب عن مقاطعة بنشاب من حزب الرباط الوطني المدعوم من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول إحدى الشهادتين في محاكمة الرئيس السابق الأسبوع الماضي:
"على العموم، وليطمئن كل مناصر للأخ القائد محمد ولد عبد العزيز، أن كل الشهادات التي أدلي بها لحد الآن، هي شهادات في صالحله، ومحرجة للنظام وبيادقه المتربصة بالقائد ، ومحرجة للنيابة ولفيف المحامين التابع لها، لاقية بثقل مزدوج التأثير على المحكمة الموقرة، برئيسها ومستشاريه، وكان هذا منتظرا ومتوقعا، بل ومراهنا عليه، من الجميع ومن أنصار القائد خصوصا ومن القائد نفسه بشكل أخص، وهو سر ودواعي مناصرته والوقوف معه، ونعلم علم اليقين، أن لن تكون هناك شهادة تدينه ولا تثبت تورطه في أي ممارسة خارج ما يسمح به الدستور، أما أن يكون هناك حق ولو أوقية واحدة للشعب ولو بتأويل، فهذا سابع المستحيلات، لأن الوفي المخلص، يبقى دوما كذلك حتى مع نفسه، لا يخادع، ولا يماري ولا يكذب، وتلك صفة القائد محمد ولد عبد العزيز، بل وأزيدكم بيتا، أنه أصرف من خالص ماله لمساعدة الفقراء والمحتاجين ولصلح القرى والمجمعات السكنية، وشواهد ذلك موجودة ومسجلة، وإن لم يقلها هو ولم يذكرها، لأنها خالصة لوجه الله ولأنها من صميم الإيمان بحب الوطن، وهذا واضح في النقلة النوعية رغم الإمكانيات، التي تحققت في فترته، بشهادة عدوه قبل صديقه.
سمعنا 6 شهادات لحد الآن، 3 من كبار المسؤولين، و3 من كبار رجال الأعمال وتحت تأثير ووطأة القسم، والذي يذكرهم به رئيس المحكمة كل حين ربما لعدله استنطاقا للحق، وربما لأمر أوحي إليه وشاية لم ير تأكيده ولا التطرق له، وله كامل الحق في ذلك.
لن أتوقف عند شهادة المسؤولين، فلا يمكنهم أن يقولوا إلا ما قالوا، رغم الضغط والترغيب والأمور الإدارية مسجلة ومكتوبة، ولا جديد في قولهم، سوى تكذيب وزراء ما كنا نرضى لهم الكذب والإفك على الأثير، وما كان من شيمتهم الكذب للأسف.
أما رجال الأعمال الثلاثة، فحالة سيد أمبارك الملقب ديدي ولد الخرشي، فحالته بسيطة غير مركبة ولا متداخلة، رغم تشويش لفيف الدفاع المدني وبالأخص ولد الرايس، فقد ظلم في قضية لا صلة له بها وانتزعت منه عمارته ووضعت في محجوزات القائد ( وبالمناسبة "نفختها" النيابة وقطب التحقيق من 340 مليون إلى ما يزيد على المليار)، وكانت حجته داحضة لحجج اللفيف المراوغ، وواضحة ومعبرة في إبانة ظلمه والمطالبة بعمارته، و بإخراجه من قضية لا ناقة له فيها ولا جمل.
وأما سلمان، فرجل أعمال، يعرفه القائد ( معرفة شخصية، وقرابة خؤولة، ربما ذلك لا يعرفه ولد أبتي ولا ول الرايس) وفعلا استدعاه القائد وأدخله في قضيتين ولو لم يفعل لكانت حقا للشعب في ذمة القائد، محاولة لترشيد النفقات والحد من الفساد المقنع، وفي الحالتين استطاع القائد أن يرجع المبالغ المقدمة في المشاريع الى النصف تقريبا، وهذا يحسب له لا عليه، وعدم ذلك إضاعة وتفريط لحقوق يتحملها، وعدم تحملها للأسف سر من أسرار فساد النظام الحالي ونهب ثروات ضاعت دون أثر.
أما الشاهد الأول من رجال الأعمال، فهو الأخ ابراهيم الملقب بهاي ولد أحمد سالم ولد غده، ولأن الكثير تناولها بلا وعي ولا فهم، ولا حتى متابعة دقيقة لتفاصيلها، يستبطن في ذلك موقفا خاصا من بهاي ولد غده، أو يترصده، أو يريد أن يتكلم نيابة عنه بما في ضميره، فقد كثر فيها الهرج والمرج، وزيد فيها ونقص، سواء من مناصري القائد أومن مناوئيه، فكأن المناصرين يطالبونه بالقول إن القائد بريء وهذا ليس من شأنه ولا من دوره، أو أنه لا صلة له به، وهذا كذب، وليس من طبيعة بهاي بشكل اعتيادي أحرى، تحت القسم، وبأن لا ودائع لديه، فذاك أيضا كذب لا يتأتى من مثل بهاي ولا خوف يدفعه لذلك، بل ولا مصلحة لأنه في غنى عن ذلك، ولأن القائد الرئيس محمد ولد عبد العزيز صرح وعلى الأثير بأنه يمتلك مالا، ولا بد أن يكون هذا المال مودعا في مكان ما وبشكل ما، وبطريقة مؤتمنة وهذا تحصيل حاصل.
ثم إن ما تفضل به السيد بهاي ولد غده، وهو صادق بكل تأكيد، كله يصب في مصلحة القائد، رغم أن بهاي الآن يقف في صف النظام وفي حزب الإنصاف، (بالمناسبة، هي المرة الأولى التي أجدني على اختلاف سياسي معه للأسف، وله العذر في ذلك مما تقتضيه مصالح الشرائك الكبرى)، رغم ذلك، كانت شهادته شهادة صادق، يحكي الوقائع كما حدثت دون رتوش، فقد كانت لديه ودائع مالية، على فترات مرتبطة تواريخها بالحملات، 2006 و2009 و2014، 2019 يؤخذ منها ويرد، وهذه كلها من دعم الحملات، وهذا ليس جديدا، لأنه ممول أساس في الحملات، وما كان على بهاي تبيانه أو إيضاحه،ولم يذكره، أن الرئيس المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله انتدبه كممول وداعم ومتحمل لمثل هذه الأمانة، وكنت شاهدا على ذلك، وقد بقي من تلك الحملة 4,5 مليارا، ضمها المرحوم لممتلكاته دون أن تثير حفيظة أحد، لا معارضا ولا مواليا، وهي سنة عند المترشحين، نجحوا أم فشلوا، ولعل الترشح عند البعض هو محاولة لاستعطاف الجيوب، لكنها متجاوزة عند الكل، ولم نر أي رئيس يرجع ما تبقى لديه للخزينة، حتى ولوكان هدية في فترة الرئاسة، فأذكر ويذكر الكل معي، أن المرحوم المؤسس المختار ولد داداه لما استلم هدية من عمر بونغو قدرها 300000$، أولا قبلها كهدية، فالمبدأ تم، وثانيا صرف منها 100000$ مساعدة في بناء المدرسة العليا كما قيل ENS والباقي ضمه لممتلكاته، ولا جرم في ذلك، وساركوزي تسلم من المرحوم القذافي 250 مليون أورو ولم تدرج في مساءلته حتى في بند الأعمال المنفصلة، التي ذيلت المادة 93 في دستورهم وليس في دستورنا.
فحاصله أن لا شيء، في أن يذكر السيد بهاي ولد غده ودائع القائد، ويبين عدم ارتباطها بمصالح مؤسسة أهل الغده، فعلا لم يظهر أو يذكر ما مورس عليه من تعسف أقله توقيفه أسبوعا كاملا، وفي ذلك عطف ورأفة بالنظام وممارساته التعسفية، لكن حلمه تجاوز ذلك ولا يريد أن يظهر إلا أحسن المخارج لنظام هو جزء منه وهذا منتهى الإنصاف.
ثم إن السيد بهاي ولد غده، عرج على ذكر ما تعرضت له "مؤسسات أهل غدهً" طيلة فترة حكم القائد، من عدم استفادة بل وإضرار، على عكس ما كان يروج أعداؤهم، والحقيقة أن هذه شهادة في صالح القائد، تحسب له لا عليه، القائد الذي لا يأبه بالعلاقات الشخصية رغم متانتها، فلم تكن يوما على حساب المصالح العليا، وهذا طبيعي ومما كان سببا في خلاف كثير من زملائه ذهب لحد القطيعة، إلا مع "أهل غده" لطبيعة استقامتهم وورعهم وتفهمهم للمصالح العامة، وتلك ميزة متأصلة في معاملاتهم، ورثوها ودأبوا على الحفاظ عليها صاغرا عن كابر.
فعلا، حاول لفيف ولد أبتي وول الرايس، ممارسة التشويش على الشاهد السيد بهاي، الذي قال رئيس المحكمة، إنه "لا شاهد إثبات ولا شاهد نفي"، وانتهزوا تشابك وتعقد العلاقة بينه وبين القائد، وقدمها، لكنهم باؤوا بالفشل في كل ما من شأنه أن يدين القائد محمد ولد عبد العزيز، أو أن يبين تناقضا فيما أدلى به الشاهد بهاي، أو يربط "مؤسسة أهل غده" بشبهات على غير عادة المؤسسات الأخرى التى تتربح من مال الشعب وتتغذى على حسابه.
وبالخلاصة، كانت شهادة السيد بهاي ولد غده شهادة مفيدة وعميقة، ولصالح القائد، وبمستوى لا يفسد مصالح مؤسستهم التي ضربت بالضرائب عقابا لعلاقاتها بالقائد، لكن كل شيء تبين على حقيقته وفي إطاره وخصوصيته.
فأستغرب تماما تحامل البعض على شهادة بهاي ولد غده، سواء في ذلك أعداء القائد محمد ولد عبد العزيز أو أنصاره، وكأنهم يريدون أن يتكلم عن كل واحد منهم بالنيابة، لكنه تكلم بذاته عن ذاته، متوخيا الدرجات العليا من الصدق والصراحة والوضوح، وكانت كلها لصالح القائد محمد ولد العزيز وتلك حسنات الصدق والصراحة، فضلا عن النزاهة والوفاء، ثم إن علينا ألاَّ نخلط بين المواقف الشخصية والمواقع السياسية، فنحن بذلك نخلق تنافرا يستبطن من الشحناء و والتباغض ما لا تحمد عقباه على قلة فائدته....