بنشاب : كتب الدكتور و الوزير السابق و العضو الناشط في حزب الرباط الوطني الأستاذ محمد ولد جبريل:
المادة 93 ليست بالمادة البسيطة التي يمكن تجاوزها من دون اضرار جوهرية تمس من استقرار البلد وتفتح الباب واسعا امام المجهول بكل ماتعنيه الكلمة من معنى.
وقد يعتقد البعض، لمصلحة سياسية آنية، ان ضرورة إخراج الرئيس السابق من التنافس السياسي مبرر لهذا التجاوز. إلا أن الإبتعاد قليلا عن الصراع السياسي القائم بين طرفي النزاع والنظر إلى مابعد انتهائه بغض النظر عن من تم حسم الصراع لصالحه سيمكننا جميعا من ادراك خطورة تجاوز هذه المادة.
وقبل بسط تلك المخاطر، أود ان الفت انتباه القراء إلى انه فيما إذا تم حسم ذلك الصراع ضد الرئيس السابق وسجنه فإن ذلك لن يغير اي شيء بالنسبة للرئيس السابق الذي اعد عدته وفوض أمره إلى الله واستعد للأسوء من طرف غرمائه السياسيين، ولن يغير اي شيء كذلك بالنسبة لكل المواطنين المناصرين له ويرون في تصفيته السياسية ظلما وعدوانا خصوصا انه يمتلك شرعية الإنجازات فيما تفتقر إليها السلطة الحالية.
ماذا لو تم تجاوز المادة 93؟
وماذا سيلحق بالبلد من اضرار وباستقراره وبنظام الحكم فيه وبعلاقاته مع المحيط الخارجي؟
1-اذا سقطت المادة 93 من الدستور فإن الرئيس الحالي والرئيس المستقبلي سيتعرضان لنفس الحالة التي تعرض لها الرئيس السابق او أشد.
2-مادام الرئيس الحالي يعلم يقينا ان يوم خروجه من السلطة هو يوم تعرضه للظلم ومن ثم السجن فإنه امام امرين احلاهما مر :
- اما ان يرفض احترام الدستور ويقوم بتعديله وتنصيب نفسه رئيسا مدى الحياة، بعبارة أخرى سنجد أنفسنا امام نظام استبدادي وسيسقط النظام الديمقراطي إلى حين التغيير.
- اما ان يتنازل عن الدفاع عن المصلحة العليا للدولة والشعب حتى لا يكتسب عداوات داخلية وخارجية من أطراف -هي الآن تنتظر بفارغ الصبر سقوط المادة 93- لديها مصالح واطماع تتنافى مع المصلحة العليا للبلد.
- التنازل عن المصلحة العليا للبلد يعني انقلابا بالقوة على السلطة قد يكون دمويا نظرا لحالة عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده بلادنا.
3- رئيسٌ للجمهورية غير محمي دستوريا لايعتبر نظيرا ولا ندا لرئيس دولة أخرى يحميه دستور بلاده. بعبارة أخرى ستتعرض شؤون الدفاع والامن والشؤون الخارجية للبلد لمصاعب جمة، ابسطها عدم الثقة وعدم السرية في مداولات بعض الملفات المعقدة.
وقد يسأل البعض كيف اذن يمكن محاكمة رئيس سابق في قضايا ارتكبها وهو رئيس لا علاقة لها بتسيير الدولة. هنا يأتي دور المشرع الموريتاني الذي اعتاد نسخ النصوص وتطبيقها، ان ينسخ تجربة الدول التي تحاكم اليوم رؤساءها بكل بساطة وبكل أمن، بعدما اجرت إصلاحات على نفس النسخة الني بين ايدينا، مثل فرنسا أو أن يقوم الشعب الموريتاني بتعديل هذه المادة من خلال إستفتاء يحق للرئيس الحالي المطالبة به.
وإنني علي يقين تام من أن أصحاب القلوب المريضة سيقولون نسقط المادة 93 ويسجن الرئيس السابق ومن ثم يطالب الرئيس بإجراء استفتاء وتغيير المادة المذكورة لحماية نفسه ولحماية الدولة. هذا فهم بل قل حيلة ماكرة لكن شحنة الظلم التي تحمل كفيلة بقيادة البلد نحو عدم الاستقرار الذي يخشاه الجميع ولا يريده احد.
كخلاصة لايوجد مخرج اليوم يصون مصلحة الدولة ويقيها شر عدم الاستقرار اكثر من احترام هذه المادة والعمل عل تغييرها مستقبلا بشكل يسمح بمحاسبة الرئيس مع صيانة متطلبات ومقتضيات وظيفته السامية .
ومن يستبدل مبلغ 41 مليار وهمية باستقرار البلد، ومن يدعو الى ذلك لايمكن تصنيفه إلا في صف كبار المجرمين.
ثم تذكروا جيدا ان هذا المبلغ لايساوي جناح بعوضة من الأموال التي يُبطش بها ليلا نهارا من طرف صغار المفسدين ومن دون حتى مساءلة.