قليل من الضوء على قارعة الطريق ~

سبت, 22/01/2022 - 20:12

بنشاب: إن أحداثا مثل طرد السفير الاسرائيلي في هذا الزمن العربي الرديئ، و استضافة القمة العربية و رئاستها وسط تشكيك "داخلي" و "تشويش" إقليمي، و رئاسة الاتحاد الافريقي و العربي الافريقي، و زعامة عدة وساطات لحلحلة أزمات سياسية دولية مستعصية، و إرغام دول - اعتادت النظر إلينا باستعلاء - على التعامل معنا بندية و احترام لم تعهده ... 
إن أحداثا كهذه جرت في عهد الرئيس السابق ستبقى نقاطا متوهجة في تاريخ الدبلوماسية الموريتانية وسط ركام السنين .. تاريخ سيسجل بنفس المداد أنّ معارضة نظام الرئيس عزيز اكتفت يومها ببث الشائعات المغرضة يساندها ظهير من غوغاء الفيسبوك يحشد الرأي العام حول هذه الإشاعات، ليتخلى عنها حال وضوح زيفها و انجلائها، لينفخ في شائعة أخرى و هكذا دواليك .. من عجز الرئيس و وفاته إلى ارسال جنودنا الى السعودية في حرب اليمن مرورا بالمشاركة في الحرب الى جانب فرنسا في مالي .. وصولا إلى المأمورية الثالثة .. و غير ذلك من التلفيق .. 
و يتذكر الجميع أيام تحولت الحرب على الارهاب في بلادنا من الدفاع إلى الهجوم، و مطاردة فلول الارهابيين خارج الحدود، وسط صيحات التثبيط التي كانت تطلقها من كانت توصف يومها بأحزاب المعارضة، مدعية أن الجيش يخوض حربا بالوكالة عن فرنسا، ادعاء لم يلبث أنْ تهاوى حين رفض الرئيس السابق بحزم، و هو بالكاد يتعافى من رصاصة اطويله المشاركة في حرب فرضتها فرنسا على دول المنطقة ضد التنظيم، ليستعيض عنها بتأسيس الـ(G5) و فرض أخذها للمبادرة .
و بكل أسف آل حال البلاد اليوم بعد سنتين من مغادرة الرجل القوي حكم البلاد، في تناوب سلمي وسلس على السلطة، إلى أنْ فقدت الدولة هيبتها، وصارت فريسة تبتزها دول الجوار، فشمالا هذه المغرب تتحدث بالأمس القريب عن اعمار لگويره، و تنتهك قواتها المنطقة العازلة في وضح النهار، بل و تطلق النار على دوريات جيشنا المرابطة داخل حدودها، وانفجارات القنابل مجهولة المصدر ترعب المنقبين عن الذهب .. 
وجنوبا هذه السينغال تجمع شذاذ الآفاق من المرتزقة و لاجئي افريقيا فتجعل منهم مُسفّرين موريتانيين، تبتز بهم بلادنا في عملية كان عرّابها أحد نواب البرلمان ! 
واليوم يُذبح مواطنونا العزل كالخراف شرقا وبدم بارد، ووسط صمت رهيب يتلظى في ماهية الوجع المورق بخيبات الأمل، والمدى شاهد على تفاصيل وعود "التعهدات" !! 
 وفي الداخل بين خوف ورجاء يرسم المواطن البسيط بين أضلعه صورة وطن كان، فما عاد آمنا في بلده، حيث قُتلت الناس في الشوارع، و اغتُصبت الحرائر في البيوت تحت تهديد السلاح !
في وقتٍ توارت فيه المعارضة التقليدية عن الأنظار وشغّلت وضع الصامت، واستنفرت فيه الدولة كافة أجهزتها الادارية و الأمنية و المخابراتية، يساندها ظهير من شذاذ الآفاق من مرتزقة الصحافة و اعلام الحواضر في سبيل شيطنة الرجل الذي بنى و شيّد و أنجز، ليتم سجنه في ملف كيدي لا علاقة له بالقانون، وتتولى اليوم حراسته في بيته قوات كانت في الأصل مهمتها مكافحة الشغب والارهاب!!
كان ذلك نتيجة طبيعية لمسار التردي، حين انغمس النظام في تصفية الحسابات السياسية بدل المباشرة في تنفيذ برنامجه التنموي الذي بموجبه انتخبه الشعب وسلمه أمره، فكانت تلك السياسات مدخلا إلى تحويل البلد إلى دولة ريعية غنائمية وفريسة بين فكي فساد البطانة وطغيان السلطة، لنعود بكل أسف إلى دولة هامشية، وبخجل نكتفي بأن نكون مجرد حَرْف صامت يكتبه الآخرون على سطر الفعل الدولي !

فأين كُنّا و إلى أين صرنا ؟!
رحمات الله تترى على أرواح قتلانا وكامل العزاء والمواساة لذويهم .