بنشاب: غرابة منطق فخامة الرئيس لا سقف لها، وهو في كامل وعيه يتذكر أنه عول علينا ولم نخيب ظنه حين أوصلناه بتعبنا لمّا تكسرت سواعدنا ونحن نحرق العمر لحظة تلو الأخرى نعمل على مدار الساعة في مقرات حملته، نصرف من جيوبنا المثقوبة على المواصلات و الرصيد حتى تحقق الهدف و أوصلناه بعملنا الصادق وأصواتنا المبحوحة إلى كرسي الحكم، ونحن آنذاك نحسب التعهدات ماءً!
فبادر بعزلنا واحدا واحدا كما ينتف الأربعيني شيب لحيته هوسا وهروبا إلى الأمام، فقد كانت تحريات أجندات الخبث والتأزيم قد قدرت مخزوننا المتفاوت من الوفاء و يقظة الضمير وعلى أساس ذلك طبق التضييق والابتزاز، فصمد بعضنا و سقط البعض وعلق آخرون بين ضفتي السقوط والنهوض..
ثم تزداد الغرابة دهشة وفخامته يحدثنا عن وطن لا هشاشة فيه ولا إقصاء، وطن الحرية والكرامة! ثم يجتمع أمس بشباب حزبه و يحدثهم عن آمال وآلام بقية الشباب المهمش الذي بالتزامن مع خطاب فخامته تنكل به قوات الأمن عند بوابة قصر المؤتمرات وهو ممنوع من حقه في التظلم والتعبير عن رأيه!
أبلغوا فخامة الرئيس أن حديثه عن وطن لا إقصاء فيه يحترم كرامة الإنسان وحريته صعب التصديق هذه الفترة ونحن اليوم نعيش أنواع وأشكال التهميش والإقصاء بسبب معارضتنا للنظام واعتراضنا على الطريقة التي يسير بها البلد وهي بالمناسبة نفس الخلاصة التي اعترف بها فخامته عدة مرات قيم فيها أداء حكوماته.. فلم يتم إقصائي _مثلا_ و يشطب اسمي من كل النشاطات الثقافية والاجتماعية بسبب رأي وافقني عليه رئيس الجمهورية عدة مرات؟! وبالمناسبة غيري كثرٌ من الشباب الذين تم فصلهم من وظائفهم و إقصاؤهم من جميع النشاطات التي تدخل في مجالات تخصصهم بسبب تعبيرهم عن آرائهم.. فأين الحرية والكرامة يا صاحب الفخامة! ؟
ستعيدون تشكيل المجلس الأعلى للشباب لكنه سيبقى حكرا على شباب الموالاة و بعض الشباب المعارض الذي بمجرد دخوله المجلس ستشترطون عليه التزام الصمت و تشترون نبض ضميره بدراهم قليلة.
فرجاء صاحب الفخامة لا تحدثنا عن الحرية و أنتم تحرصون على الانتقام بأشد الطرق وأبشعها من المعتقل حمد ولد اعبيد الله وهو شاب يتيم فقير يعيل شقيقته المطلقة أو الأرملة وطفلتها الرضيعة، بسبب كلمة قفزت من جرح قلبه المكسور وكرامته المداس عليها وهو يحترق بنار البطالة و التهميش و يقرض أمعاءه الجوع واليأس.. أين الحرية بالله عليكم يا فخامة الرئيس ؟!
ولا تتباهى علينا بخلق فرص عمل سيستفيد منها فقط من يبيعكم ولاءه .. و لا تسوقوا لنا المجلس الأعلى للشباب ونعرف كما تعرفون أنكم ستصطفون له أخلص شباب حزبكم .. و ستستمتعون بتهميش كل شاب يعارضكم..
أولسنا من شباب الوطن؟ ألا يحق لنا الإشراك في صناعة القرار ؟ أليست لنا الحرية المطلقة في اختيار مواقفنا السياسية ولا يمنحكم ذلك حق ظلمنا ولا تهميشنا؟!
فهل تعتقدون أننا سنحسن الظن بعدالتكم في توزيع الفرص على شباب الوطن وأنتم تضنون علينا_ بسبب مواقفنا_ بدعوة لحضور مهرجان أو مزاولة وظيفة حصلنا عليها باستحقاق و جدارة؟
إنكم تبيعوننا رحيق الوهم لكن جائحة الظلم أفقدتنا حاسة شم العدم والقدرة على تذوق السراب!