بنشاب: الحقبة الزمنية الراهنة شكلت استثناء في تاريخ الوطن المعاصر و عبرت عن مدى ابتعاد غالبية النخبة السياسية عن نضال الجماهير الازلي ومطالبهم الملحة و المتكررة من اجل العمل الجاد حتى يطبق شعار الوطن المعلن والمعتمد كما هو لا كما تعاملت معه اغلب الأنظمة باعتباره مجرد عبارات جامدة على ورق في الرفوف لا علاقة لها بواقع الجمهورية في اذهان ساستها وسادتها ومن كلفوا أنفسهم احتكار تمثيلها لينفردوا بثمرتها إذا أينعت وليفتكوا بحصاد شعبها حينما اجهده السفر الطويل وحينما سمحت له اللحظة المنصرمة التقاط انفاسه وابتلاع ريقه دون إذن ودون خوف من رقيب ظل يعترض ابتلاع الريق ويخشى التقاط انفاس المسافرين عبر زمن الوطن الممتد مابين شظف الحياة واستجدائها بعد ان لبس الفريق زيهم الموحد .
استمرار تكريس الفهم الخاص يحتم اصرار الواصلين شغل مساحات وجودهم داخل الوطن الحاضن الوحيد للشعب الخاضع طواعية للقانون الناظم لوجوده وتواجده في شتى بقاع الوطن تحت رحمة تسيير النظام الحائز على ثقة الاغلبية المعبرة عن رأيها مهما كانت اعداد المتفرجين الذين لا يثقون في التعبير عن الرأي قبل اثبات حسن النوايا المتبادلة وقبل تكريس الثقة بين مختلف الطوائف ، وبعد الاعتراف الصريح بحتمية المصارحة وجدية الاستعداد للإعتراف بهفوات البعض وبظلم التاريخ والعادات والاعراف والتأويل المكيف ومع وضوح الرؤية او تعمد توضيحها لا تزال نوايا البعض يكتنفها الغموض وتشجعها غريزة الجزء المتوحش من اصحاب الحظوة المفروضة بالقوة تارة وبالنفث و الاساطير والتحالفات تارة اخرى.
لا احد ينكر الوضع الاستثنائي للوطن قبل " تأسيس " دولته وبعد احتكارها وخلال العيش كرها في كهوفها وبين فجاجها وعلى مشارف حضارتها وبين احزمة بؤس اسوارها الحزينة والمهينة والمخجلة رغم صورتها التي ظلت الشرخ المهمل والبركان المكتوم حتى تعمدت ارادة بعض قادتها الدخول الصريح في اعرشتها ومساكنها البالية مدركة ان تبرير الجمود واستمرار فرض الفهم الخاص الخاطئ محكوم بالفشل غيران الجزاء الذي كرم به كان بمثابة انذار لكل الراغبين في فرض التغيير ومواصلة الإصلاح ونشر ثقافة المشاركة وطي صفحات الانتهاكات الجسيمة لحقوق البشر و لرغبة ترسيخ الثقة المتبادلة وتدعيم حتمية العيش المشترك بين غرماء الامس وسادته داخل فرن الوطن الواحد للشعب المتعدد الاعراق المتباين من حيث تأثير احداث التاريخ ومن حيث واقع حال الصراع من اجل البقاء ومن اجل الرفاهة وضرورة البقاء على قيد الحياة باعتبارها آخر مراحل الحياة نفسها .
حينما تتعمد النّخب المتتالية على كتم الجهود الخيرة وطمس المعالم المضيئة والخوف من انتهاج المصارحة فإن الوطن سيظل في مربعه الاول وسيكون كل تغيير للأشخاص مناسبة لتوطيد علاقة الجمهورية بمربعها الاول او حتى قبله ، لذالك فلنتسلح بالثقة في الله جلّ في علاه وفي انفسنا كرجال خلقنا لنطور صوب الاحسن نظم حكمنا وحكامتنا وتقبلنا للآخر ولنخرج من سجون عواطفنا التائهة واحقادنا النزّاعة للظلم رفض جهد الخير عند غيرنا فالوطن بحاجة الى تحرير طاقاته لا حبسها وسجن من وهبها الله لهم
سيـــدي عــيلال